أنه يجب الأخذ بنجاسته. والثاني - يجوز الأخذ بطهارته.
فوجه جواز الأخذ بطهارته بناء الأمر على ظاهر الطهارة، والمصير إلى أنها مستصحبة إلى أن يطرأ نقيض الطهارة، والاستشهادُ بطهارة الحدث؛ فإن من استيقن طهارةَ الحدث، وغلب على ظنّه الحدثُ بعدها؛ فيجوز الأخذ بما سبق من الطهارة.
ووجه من أوجب الأخذَ بالنجاسة أن الطهارة والنجاسة يتطرق إلى [دركهما] (?) الاجتهاد، وتنتصب عليهما العلامات، وما كان كذلك، وجب الاستمساك فيه بغالب الظن، كسائر المجتَهدات، وبها ينفصل أمر النجاسة عن أمر الحدث؛ فإن الاجتهاد لا يتطرق إلى دَرْكِ الحدث؛ إذ ليس عليه علامةٌ لائحة بها اعتبارٌ.
وتحقيق ذلك أن ما ذكرناه من غلبة الظن لم نعنِ به هاجساً لا مستند له من علامة ظاهرة.
ولو كان مع الرجل إناءان: أحدهما طاهر، والآخر نجس، والْتبس عليه الطاهر منهما، فالأخذ بالاجتهاد، وغالب الظن في هذا محتوم؛ فإن معه ماء مستيقنَ [الطهارة، وماء مستيقن] (?) النجاسة، وإذا لم يكن معه إلاّ إناء واحد، ففي الأخذ بغلبة الظن في النجاسة القولان.
55 - ونحن نذكر صوراً يتهذب بها القولان: فإذا ظهر اختلاطُ الرجل بالنَّجاسات وعدمُ تصوّنه منها، مسلماً كان أو كافرا، ففي ثيابه وأوانيه القولان.
وإذا عَتُقت المقبرة وجرى النبشُ في أطرافها؛ فالغالب على الظن انتشارُ النجاسة فيها.
وإذا لم يستيقن نجاسة موضع منها، وغلب على الظن ذلك، ففيه القولان. ففي هذه الصورة نص الشافعي على القولين.