بمستحق، فإن نصيب الابن مستحَق له، والوصية بالمستحق باطلة، بمثابة الوصية بمال الغير.

هذا مذهب أبي حنيفة، وليس كما لو قال: أوصيت [بمثل] (?) نصيب ابني، فإن لفظ الوصية يشعر بكون الموصَى به مغايراً للنصيب المعتبر زائداً عليه؛ فإن مثل الشيء غيرُه لا محالة.

وأقام الأئمة مسألة خلافية مع أبي حنيفة وأجرَوْا في أثناء الاحتجاج مسألة مستفادة من مسائل المعاملات، وهي أن الرجل إذا قال لمن يعامله: بعتك داري هذه بما باع به فلان عبده، وكانا عالمين بالمبلغ الذي باع به فلان عبده، فالبيع يصح، وإن كان لفظه مضافاً إلى ما باع به فلان عبده، وهو مستحق في بيع ذلك الإنسان، ولكن المقصود من العبارة البيع بمثل ما باع به فلان عبده، فإن سلم أبو حنيفة هذا، قامت الحجة عليه مع ترجيح ظاهر؛ فإنا قد نحتمل في الوصايا ما لا نحتمله في البيع، كما سيأتي ذلك مشروحاً في المسائل، إن شاء الله تعالى.

فإن منع أبو حنيفة المسألة، لم يضرنا منعُه إياها، مع علمنا بجريان هذه العبارة واطرادها، والمراد البيع بمثل ما باع به فلان، وهذا له مزيد اتجاه على رأي أبي حنيفة، فإنه يحمل العقود على الصحة، إذا وجد لها محملاً.

هذا هو المنقول عن أئمة المذهب.

6601 - وذكر العراقيون في طريقهم أن الوصية بالنصيب باطلة، كما صار إليه أبو حنيفة، وذكروا هذا ذِكْر من بلغه في نقل المذهب غيرُه، ولكنهم زينوه (?)، وقطعوا بما ذكروه، ولم يصححوا إلا الوصيةَ بمثل النصيب، وسلكوا في تعليل ما ذهبوا إليه مسلك أبي حنيفة بعينه.

ثم قالوا: لا يُلفى للشافعي في المختصر وفي غيره من الكتب التعرضُ للوصية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015