فاتفق أئمتنا على أن المسألة على قولين، وعبّر الفقهاء عنها بالتردّد في أن هذه الأشياء هل تحُلُّها الروح عند الاتصال بالحيوان؟ وهل يحُلّها الموت عند الانفصال؟ فأجْرَوا القولين في ذلك، ثم جعلوا الأحكام تفريعاً على ذلك.
وهذا إن تجوزوا به على طريق الاستعارة؛ فهو محتمل، وإن أجْرَوه عن عقدٍ، فهو باطل؛ فلا شك أن الشعور بمثابة الناميات، وليس فيها الخاصّية التي تتميّز بها ذوات الأرواح من الناميات.
فالوجه أن نقول في التعبير عن القولين: يثبت لها حكم الحياة، والموت، عند الاتصال والانفصال في قول، ولا يثبت لها الحكمان في القول الثاني، وهي كالجمادات في جميع الحالات، وتوجيه القولين يُستقصى في الخلاف.
التفريع:
35 - إن حكمنا بأنها كالجمادات، فهي في أنفسها طاهرةٌ في كلِّ حالٍ: اتصلت، أو انفصلت. وإذا مات الحيوان، لم يلحقها حكم النجاسة.
وأما شعور الكلب والخنزير، فقد قطع الصيدلاني بنجاستها، وإن كانت جامدة، تغليظاً لحكم هذين الجنسين؛ فإن الحياة دارئةٌ للنجاسة، ثم لم تدرأ نجاسةَ الكلب.
فكذلك الجمادية من مقتضيات الطهارة؛ إذ لا نرى جماداً غيرَ مستحيل في حيوانٍ إلا وهو طاهر، فليُسْتثن شعرُهما من الجمادات، كما استُثني من الحيوانات عينُهما (?).
وقال شيخي: " إذا فرّعنا على هذا القول، فظاهر المذهب أن شعرهما طاهر ". وذهب أبو حامد المرْوَرُّوْذي (?) إلى طهارتهما.