والمجاورة لا تقتضي هذا المعنى، ثم معظم ما لا يتأتى التصوّن منه [مجاورٌ] (?)، والأوراق الخريفية، كالخشب تجاورُ، وليس فيها رطوبات تخالط، حتى لو انتثرت وفيها رطوبة، فخالطت وغيّرت، سلبت الماءَ طهوريَّتَه.
فهذا تحصيل طرق الأصحاب، في مقصود هذا الباب.
ونحن نرسم الآن فروعاً نذكر فيها مقالات الأئمّة، ونُخرِّجُها على الطرق، فتتهذّب بذكرها القواعد والأصول.
فرع:
12 - الماء إذا ألقي فيه ملح، صودف منعقداً عن الماء الأُجاج، فتفاحش تغيُّره به، فقد ذكر أئمّة المذاهب فيه خلافاً، وقالوا: من أصحابنا من جوّز التوضؤَ به؛ لأن الملح انعقد من ماءٍ، فإذا ذاب في ماء عذبٍ، كان [كالجَمْد] (?)، يذوب في الماء، وأيضاًً فلا خلاف أن الماء الملح -الذي ينعقد منه الملح- لو انصبَّ في ماء عذبٍ وظهرَ تغيُّره [به] (?)، يجوز التوضؤ به؛ فليكن الملح بنفسه (?) بمثابته.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز التوضؤ بالماء الذي ظهر تغيُّره بالملح الواقع فيه؛ فإنه مع العلم به لا يسمى ماء مطلقاً، إذا تفاحش تغيُّرُه، وليس الملح من أجزاء الماءِ وجوهره؛ فإن المياه نزلت من السماء عذبة، ثمّ سلكها الله سبحانه وتعالى ينابيعَ في الأرض، فاكتسبَ ما انسلك في السبخات صفاتِها، ثم الملح المنعقد هي أجزاء السبخة تتجمع، وليست أجزاء الماء، ولذلك لا ينماعُ الملحُ في الشمس.
وأما انصباب الماء الأُجاج على العذب، فالمتبع فيه الاسم في مجاري الكلام؛ فالناس يقولون: " ماءٌ انصب على ماء "، وكان يجوز التوضؤ بالماء الأجاج عند انفراده، وإذا (?) ذاب ملحٌ في ماءٍ يظهر تغيّره به، فيمتنع أهلُ اللسان من تسميته ماء على الإطلاق.