وقال العلماء بالفرائض: تحزّب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةَ أحزاب، فتكلم أربعةٌ منهم في جميع الفرائض: علي، وزيد بن ثابت، وابن مسعود، وابن عباس.
وتكلم قومٌ في معظم أصول الفرائض مثل: أبي بكر، وعمر، ومعاذ.
وتكلّم بعضُهم في مسائلَ نادرةٍ، كعثمان وغيره رضي الله عنهم أجمعين.
ثم من بدائع حكم الله تعالى أن الأربعة الذين تكلموا في الجميع لم يُجمِعوا في مسألة إلا أجمعت الأمة على مذهبهم، ولم يتفق في مسألة مصير اثنين منهم إلى مذهب، وذهاب اثنين إلى مذهب الآخر، ولكن إذا اختلفوا وقفوا آحاداً، وصار ثلاثةٌ إلى مذهب، وواحد إلى مذهب واحد.
6191 - ثم نظر الشافعي إلى مواقع الخلاف، ولم يجد مضطرباً في المعنى، فاختار أن يتبع زيد بن ثابت، ولم يضع لأجل هذا كتاباً في الفرائض، لعلمه بعلم الناس بمذهب زيد، وإنما نصّ على مسائلَ متفرقة في الكتب، فجمعها المزني، وضم إليها مذهب زيد في المسائل. ولم يقل: تحرَّيْتُ [فيها] (?) مذهب الشافعي كقوله في أواخر الكتب التي مضت؛ فإن التحرّي اجتهاد، ولا اجتهاد في النقل. وقد تحقق عنده اتباع الشافعي زيداً.
وتردد قول الشافعي حيث ترددت الروايات عن زيد، واعتمده فيما رواه من ذلك ما رواه الأثبات عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " أفرضكم زيد" (?)، قال المحققون: لو رفعت واقعة إلى مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفيها مذاهب لعلماء صحابته، فقال فيها: