ثم استقرت الشريعةُ على الفرائض.
6187 - وقال أبو العبّاس بنُ سُريج: كان يجب في ابتداء الإسلام على المحتضَر أن يوصي لكل أحد بما في علم الله من الفرائض، فكان من يوفَّق له مصيباً ومن يتعداه مخطئاً.
وهذا زلل من أبي العباس ولا يجوز أن يعتقَد ثبوتُ مثل ذلك في الشرائع؛ فإنه تكليفٌ على عماية، وكان ابن سُريج يقول: كُلّفوا ذلك حسبما كلفوا الاجتهاد في القبلة والأواني.
وهذا إن صح عنه مشعر بالخلو عن أركان الاجتهاد؛ فإن الاجتهاد لا بد وأن يتعلق بأدلّةٍ قطعيةٍ، أو علاماتٍ ظنية، وفرضُ ما ذكرناه غيرُ ممكن في الفرائض. وإن كان النظر إلى أقدار الحاجات، فهي تختلف، ولا تنضبط.
6188 - ثم أبان الله سبحانه وتعالى الفرائض في قوله تعالى: {يوصيكم الله} وفي الآية التي تليها، وفي آية الكلالة في مختتم السورة (?).
وقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى لم يكل قَسْم مواريثكم إلى مَلكٍ مقرَّب، ولا إلى نبي مرسلٍ، ولكن تولى قَسْمها، فقسمها أبْين قَسْم، ألا لا وصية لوارث " (?).