وهذا ينفصل من هذا الوجه عن رقِّ الأولاد في المستقبل؛ فإن العلوق بالولد أمرٌ موهوم، لا يجوز أن يُبنى عليه ما ينتجز من الضرر، ولولا ذلك (?)، لما جوّزنا للحر الفاقد للطَّوْل أن ينكح أمةً؛ فإن السعي في إرقاق الولد لا يجوز لشهوات النفوس، ولكن لما كان ذلك موهوماً، والحاجةُ ناجزةٌ، صححنا النكاح.
ويرد على ما ذكرناه أن الزوج يسافر بها الشرق والغرب، وهذا مما ترتاع منه نفسُ الفقيه مع الحكم بالرق وتسليط السيد على البيع وغيره من التصرفات، فليتأمل الناظر ذلك، فهو منتهى تفريع هذه المسألة.
ونحن نأخذ الآن في تفريع مسألة أخرى فنقول:
6179 - اللقيط إذا نكح بعد البلوغ، ثم أقر بكونه رقيقاً، فإن قلنا: الإقرار بالرق مقبول عموماً فيما له وعليه، فالنكاح مردود من أصله.
فإن لم يكن دخل بها، فلا شيء لها، وإن كان قد دخل بها، فقد قيل: لها مهر المثل.
ثم يتعلق بذمة العبد، أو برقبته؟ فيه وجهان، كما لو نكح العبد المعروف بالرق من غير إذن مولاه نكاح شبهة، فوطىء ووجب المهر، ففي تعلّقه بالذمة، أو الرقبة خلاف، وسبب توهم التعلق بالرقبة تنزيلُ العُقر (?) منزلة أُروش الجنايات، وفي هذه المسألة وأمثالها بابٌ معقود في كتاب النكاح.
فلو كان المهر المسمّى أقلّ من مهر المثل، فقد يخطر للفقيه أنها لا تطلب إلا المسمى؛ لأنها قنعت به، وليس كما إذا جرى نكاح مشتمل على مسمى؛ ثم تبيّنا فسادَه قبل الدخول؛ فإن الرجوع إلى مهر المثل ثَمَّ.
والسبب فيه أنا تحققنا فساد النكاح ظاهراً وباطناًً، وهاهنا نحكم بفساد النكاح لأجل الإقرار حُكماً ظاهراً، فيجوز أن يقال: هي مؤاخذة بحكم رضاها بالمسمى.
ويجوز أن يقال: إنما تؤاخد برضاها بالمسمى لو بقي النكاح، والعلم عند الله تعالى.