أحدها - أن الولادة لا تثبت بدِعوتها أصلاً، بخلاف الرجل. والفرق أن النسب في جانب الرجل مما لا يدرك موجِبه ومقتضيه؛ فمست الحاجة إلى إثباته بمجرد الدِّعوة، كما قررناه فيما تقدم، والمرأة قادرةٌ على إثبات الولادة بالبيّنة، فرُدَّت إلى قاعدة القياسِ، ولم يثبت الانتساب إليها بالولادة لمجرّد دِعوتها.
والوجه الثاني - أن المرأة في الدِّعوة كالرجل ووجه القياس بيّن، وقد تلد حيث لا يشهدها نسوة معتمدات من أهل قبول الشهادة.
والوجه الثالث - أنها إن كانت خليّةً عن الزوج، تثبت الولادةُ بدِعوتها، وإن كانت ذات زوج، لم تثبت الولادة بدِعوتها؛ فإنا لو أثبتناها، لزمنا أن نلحق الولادةَ بالفراش، وفي المصير إليه إلحاق نسب بالزوج مع إنكاره أصلَ الولادة.
6145 - ومن قال من أصحابنا بقبول دِعوتها سواء كانت خليةً، أو ذاتَ زوج؛ فإنه يقول: إن كانت ذاتَ زوج، يلحقها الولد، ولا يلحق زوجها، فليس في الأصحاب من يستجيز إلحاق الولد بالزوج مع إنكاره ولادتَها.
وهذه المسألة منصوصةٌ في كتاب اللعان، فإن الشافعي قال: " إذا ذكرت المرأة أنها ولدت ولداً، وقال الزوج: استعرتيه (?)، وما ولدتيه، فالقول قول الزوج مع يمينه ".
فمن فصل بين الخليّة وذاتِ الزوج، استبعد أن يلحقها الولدُ في فراش النكاح، مع امتناع إلحاقه بالزوج. ومن عمم قال في ذات الزوج: يختص الإلحاق بها، وكأنها