وأما على طريقة صاحب التقريب، فالقول في القصاص يضاهي القولَ في الإسلام، فلو بلغ وأعرب عن نفسه بالإسلام، تبيّنا وجوبَ القصاص. ولو بلغ وأعرب عن نفسه بالكفر والجاني مسلم، تبينا على طريقته أن القصاص، لم يجب؛ فإن الإسلام أطلقناه معلقاً بتبعية الدار، وفي تبعية الدار من الضعف ما وصفناه. 6109 - ثم إذا حكمنا بثبوت القصاص في الطرف، فلو أراد السلطان أن يقتص، لم يكن له ذلك؛ فإن استيفاء القصاص على مذهبنا لا يتعلق بتصرّف الولاة.
[وحكى الشيخ أبو بكر (?) عن القفال أنه ذكر وجهاً بعيداً في أن السلطان يستوفي القصاص الواجب في طرف المجنون، وهذا لم أره لأحد من الأصحاب، ولم يورده أحدٌ عن القفال غيرُه، وهو وإن كان يتجه إذا قلنا: يجوز إسقاط القصاص وأخذ الأرش، فهو غير معتدّ به. قال: ولا خلاف أن الأب لا يستوفي القصاص للمجنون، وإنما هذا الوجه في السلطان، ثم زيفه] (?).
6110 - ولو أراد السلطان أن يأخذ أرش الجناية، فهل له ذلك؟ الترتيب المرضي فيه ما ذكره صاحب التقريب.
قال: إن كان الصبي مميزاً غنياً، فليس للوالي أن يأخذ المال، بل يتوقف حتى يبلغ الطفل، ويقتص إن أراد.
والجاني يحبس، ولا يخلّى؛ فإن في تخليته إحباط القصاص. ولا مبالاة بما عليه من الأذى بسبب الحبس؛ فإنه يعارضه إمهاله في الحياة، وفي سلامة الأطراف.
ثم ليس مما ذكرناه بدٌّ، ونحن نحبس من عليه دين إلى أن يتبين إعساره، بأن كنا (?) نجوّز تبيينه. وفي حبسه تنجيز مُعاقَبةٍ.