المالك يغلب على قربِ العهد بالضلال والالتقاط، والتأخير سببٌ في التَّعْمية، والتغييبُ، وكَتْمُ اللقطة عدوان.

والوجه الثاني - أن التأخير لا يكون عدواناً إذا لم يقصر في الحفظ، ولم يتعدَّ باستعمال اللقطة، والشرط ألا يطمع في التملك إلا بعد تعريف اللقطة سنةً كاملة، وسنعقد على أثر هذا فصلاً في كيفية التعريف، إن شاء الله عز وجل.

5911 - فأما إذا قصد الملتقط حفظَ اللقطة على مالكها، أمانة حتى يلقاها ربُّها، فقد ذكر الشيخ أبو علي وجهين في أنه هل يجب أصل التعريف على الملتقط؟ أحد الوجهين - أنه لا يجب؛ فإن التعريف شرطٌ يتقدم على تملك اللقطة، فإذا كان لا يبغي الملتقط التملكَ، فلا معنى لإلزامه التعريفَ.

والوجه الثاني - أنه يجب التعريف؛ إذ في تركه كتمانُ اللقطة وسترُها، وهذا تسبب إلى تَغْييبها، للحيلولة بينها وبين مالكها.

وهذا الذي ذكره هو الخلاف الذي قدمناه الآن في أن الابتدار إلى التعريف هل يجب؟ فإنا إذا لم نوجب الابتدارَ إليه، لم يكن (?) لذلك منتهىً وموقفاً، ويؤول حاصل الكلام إلى أنه إنما يعرّف ليتملك، فإذا كان الذي يقصد الأمانةَ لا يطلب التملك، فلا تعريف عليه.

5912 - فأما إذا قصد بالالتقاط الاختزالَ، والخيانةَ، وتعجيلَ التبسط، فلا شك أن اللقطة مضمونةٌ عليه؛ فإن الالتقاط أَخْذُ مال الغير من غير إذنٍ، ولا ولاية، فصرفه الشرعُ؛ نظراً لحفظ الضوالّ- إلى جهة الأمانة بالقصد الصحيح، فإذا فسد القصد، رجع أخد مال الغير إلى قاعدة الظلم، فلو خطر له أن يعرّفها سنة، فوفى بما وقع له، وأراد التملك بعد السنة، فالذي قطع به شيخي أنه لا يتملك؛ لأن أخذه الأول لم يكن على موجَب الشرع، وإنما كان غصباً، والغاصب لا يتوصّل إلى ملك المغصوب منفرداً بنفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015