5855 - الأصل أن الهبة إذا صحت وأفادت ملكاً عند القبض، فالملك يطرد ولا يتطرق إليه إمكان القبض؛ فإن الملك يتم، ويتسلط المتّهِب على سائر جهات التصرفات، ومبنى الهبة على أنها إذا اقتضت ملكاًً، انقطعت فيها علائق العقود؛ إذ لا يتطرق إليها ردٌّ بعيب، ولا تفاسخٌ على الرضا على موجب الإقالة في البيع، فالذي يقتضيه الأصل ألا يرجع واهبٌ فيما وهب، غير أنا (?) نثبت للأب الرجوع فيما وهبه لولده.
والأصل في الباب ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد فيما وهب لولده " (?) وروى الشافعي حديثَ النعمان بن بشير إذ رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه غلام، فقال: " أنَّى لك هذا؟ " فذكر أن أباه بشيراً أنحله إياه، فقال صلى الله عليه وسلم لبشير: " أنحلت سائر ولدك مثل هذا؟ " فقال: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: " أيسرُّك أن يكونوا في البر إليك سواء "، فقال: نعم، قال: " فارجعه ". وروي " فاردده " (?). فثبت أن رجوع الواهب فيما وهب لولده في حكم المخصوص بتخصيص رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم الكلام يتعلق بثلاثة فصول: أحدها - فيمن يثبت له حق الرجوع.
والثاني - في وقت الرجوع.
والثالث - فيما يقع الرجوع به.