يجوز الاقتصار على أحد شقين لفظاً، فلا حاجة إلى إقباض، وإن قلنا: لا بد من اللفظين، فهو خارج على قياس المودَع. وهذا هَوَسٌ؛ فإن الاقتصار على أحد اللفظين مأخذُه غيرُ مأخد القبض، كما دل عليه التنبيهات الجارية في أثناء الكلام.
5833 - فإذا ثبت القول في القبض، فالقول الصحيح المنصوص عليه في الجديد أن الملك يحصل مع القبض إذا ترتب على الصحة على الهبة المنعقدة. وعنينا بصحة القبض ترتيبه على إقباض الواهب، فلو ابتدر المتّهب، وقبض من غير إقباض، ولا إذنٍ، لم يحصل الملك، خلافاً لأبي حنيفة (?) رحمة الله عليه. وقد قدمنا تفصيل القول فيه إذا ابتدر المشتري، فقبض العين المشتراة في كتاب البيع.
ولو أتلف المشتري المبيع، كان إتلافه قبضاً ناقلاً للضمان، ولو أتلف المتَّهب الموهوب، لم يكن ذلك قبضاً، ولزمته القيمة للواهب، والسبب فيه أن إتلاف المشتري صادفَ ملكَه، فبعُد أن يغرَم القيمة لتُحبس في مقابلة الثمن، إن قلنا: بالحبس. وإتلافُ المتّهب صادف ملك الواهب.
هذا بيان القول الجديد.
وللشافعي قولٌ في القديم: أن الهبة إذا اتصلت بالإقباض، تبيَّنا أن الملك حصل بعقد الهبة للمتهب، وهذا قولٌ ضعيف في حكم المرجوع عنه.
5834 - ثم الترتيب السديد أنا إذا حكمنا بأن الملك يحصل مع القبض، فلو مات الواهب أو المتهب قبل جريان القبض، انفسخت الهبة، ولو أراد وارثُ الواهب الوفاء بها، احتاج إلى إنشاء هبة.
وإن حكمنا بأن الملك يستند إلى العقد تبيُّناً إذا جرى القبض، فلو مات [الواهب] (?)، أو المتهب قبل جريان القبض، ففي انفساخ الهبة وجهان، وقد ذكرنا نظيرهما في الرهن.
وأطلق بعض المحفقين الوجهين على القولين، ووجّهوهما من غير تعرضٍ للترتيب