ولو ذكر جهةً فاسدةً، ثم جهةً صحيحة، وكان لا يتوقع فرض الانقراض في الجهة الفاسدة، مثل أن يقول: وقفت على رجلٍ، ثم على المساكين، فإذا لم يعيِّن رجلاً، لم ينتظم تقدير انقراضه، فإن أفسدنا الوقف، فذاك، وإن صححناه، فلا يتجه فيه إلا الصرف إلى المساكين، وكأن الرجلَ المذكور لا ذكر له. وهذا حسن فقيه، لا ينقدح غيره.
فرع:
5823 - إذا أجّر البقعة الموقوفة من يصح منه إجارتُها، ثم طُلبت البقعةُ بأكثرَ من الأجرة المسماة، فالوجه أن نقول: إن كان الوقف على معيّن، وقد تولى الإجارة، فلا أثر لطلب الموضع بزيادة؛ فإن الإجارة متعلقةٌ بحقه الخاص، لا يعدوه، فكان كالمالك يُكري.
وإذا كان الأمر على هذا الوجه، ولا حجر على الموقوف عليه، فلو تبرع، وأعار، أو أكرى بدون أجر المثل، فلا [معترض] (?) عليه.
ولو استثمر الأشجار المحبسة، وتبرع بجميعها، فإنما يتصرف في ملك نفسه.
والغرض مما ذكرناه تنزيل إجارة الموقوف عليه منزلةَ إجارة المالك.
5824 - فأما إذا كان الوقف على جهةٍ من جهات الخير، وإجارتُه مفوّضة إلى متولٍ، فلا شك أنه لا يصح منه التبرع؛ فإنه ناظر محتاطٌ في تحصيل ما هو الأغبط، وطلبِ ما هو الأحوط.
فلو أجر البقعة الموقوفة بأجر مثلها مدة، ثم طُلبت بالزيادة، فحاصل المذهب فيه أوجه: أحدها - أن الإجارة إذا لزمت على شرط الاحتياط، يجب الوفاء بها، ولا يغيِّرها بذلُ الزيادة من زائدٍ؛ فإن ارتفاع القيمة كان (?) إلى ملك المستأجر، وإذا ارتفع ملك المستأجر، لم يعترض عليه.