أن الملك للواقف وقد استولد؛ فإنه إذا كان يقف مستولدتَه ابتداء، فلا يمتنع بقاء الوقف مع الاستيلاد انتهاءً، وكل واقف إنما يقف خالصَ ملكه، والدليل عليه أن مستولدة الرجل لا توقف عليه، فيلزم من ثبوت الاستيلاد في حق الموقوف عليه بطلان الوقف، ولا ينقدح غيره، بخلاف ثبوت الاستيلاد في حق الواقف؛ فإن تخريجه على الخلاف في وقف المستولدة غير بعيد.
ومن قال من أصحابنا: الوقف يبقى مع ثبوت الاستيلاد في حق الموقوف عليه، يلزمه ألا يبيح المستولدة للموقوف عليه. وهذا خبطٌ عظيم، ولست أحمل ما ذكره الأصحاب إلا على ترك النظر، وإجراء الأمر على الظاهر.
5793 - ومن وقف مستولدةَ نفسهِ، وجوزنا ذلك، فإنا نحرّم عليه وطأها بعد الوقف، لا من جهة نقصان الملك في المستولدة؛ [فإن الملك في المستولدة لا ينقص] (?) ولكن الواقف لو وطئها بعد الوقف، أمكن أن تعلق بمولود، ثم ذلك قد يُفضي إلى موتها، وهذا تسبب إلى إبطال حق متأكد، فوجب المنع منه.
ثم إذا حكمنا ببطلان الوقف بالاستيلاد الثابت في حق الواقف، أوفي حق الموقوف عليه، فيكون الاستيلاد بمثابة استهلاك الوقف، وإتلافه من جهة الواقف، أو من جهة الموقوف عليه.
وقد ذكرنا تفصيلَ المذهب في ذلك، وفي تقدير القيمة، وبيان مصرفها، أو سقوطها رأساً، فلا حاجة إلى إعادة هذه الفصول.
فصل
في بيان نفقة الموقوف
5794 - إذا ذكر الواقف أن نفقة العبد الموقوف في كسبه، فما فضل عن نفقته من منافعه وكسبه، فهو مصروف إلى الجهات التي يذكرها، فشرْطُ الوقف يصح على هذا الوجه.