وهذا يناظر (?) قولَنا في الوكالة، وإذا فرّعنا على أن القبول ليس شرطاً فيها، فلا شك أنها ترتد بالرد، وقد فصلنا ذلك في الوكالة.

وتصوير الرد في الوكالة على الغرض الذي نريده [عسر] (?) مع أن الوكيل بعد قبول الوكالة لو رد الوكالة، لكان رده لها فسخاً، والوكالة جائزة على أي وجهٍ فرضت.

5763 - وما ذكرناه [من] (?) القبول والرد إنما يجري في البطن الأول. فأما إذا استقر الوقف بقبول من في البطن الأول، ثم انقرض، وانتهى إلى البطن الثاني، فلا يشترط القبول ممن في البطن الثاني، على المسلك الصحيح؛ فإن اشتراط القبول منهم، مع استئخار الاستحقاق في حقهم عن الوقف غيرُ متجه، وشرط القبول الاتصال.

وأبعد بعض أصحابنا، فاشترط القبول في كل بطن، وجعل استئخاره عن الوقف بمثابة استئخار قبول الموصَى له الوصية عن وقت الإيصاء.

فإن لم يُشترط القبول، فهل يرتد الوقف بردهم؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يرتد، فإن إلزامهم حقاً لهم في المنفعة والرقبة بعيدٌ عن القياس. والثاني - أنه لا يرتد بردهم؛ فإنهم دخلوا في الوقف تبعاً على وجه البناء، فكانوا بمثابة الورثة الذين يملّكهم الشرع إرثاً، ولو أرادوا دفْعَ الملك عن أنفسهم، لم يجدوا إلى ذلك سبيلاً.

وهذا كأنه يلتفت على خلاف الأصحاب في أن البطن الثاني يتلقَّوْن الاستحقاق من البطن الأول تلقِّي الوارث من المورث، أو يتلقَّوْنَه من الواقف؟ وفي ذلك وجهان: فإن نزلناهم منزلة الورثة، لم يبعد أن يلزم الوقفُ في حقهم. وإن حكمنا بأنهم يتلقَّوْن من الواقف، فينبغي أن يرتد الوقف بردّهم.

وعلى هذا الأصل أجرى الأصحاب الخلافَ بأن من في البطن الأول إذا أجَّر الوقفَ، ثم مات في أثناء المدة، فالإجارة هل تنفسخ بموته، أو تبقى إلى منتهى المدة؟ وقد ذكرنا هذا في كتاب الإجارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015