فإن قيل: إن حكمنا على قول الواقف بارتداد القيمة إليه ملكاً، فوجهه انقطاع الوقف، وانقلابُ الموقوف قُبَيْل التلف ملكاًً خالصاً، وهذا مفهوم على الجملة، صحَّ أو فسد.
فأما إذا قلنا: الملك للموقوف عليه، فما وجه تمليكه القيمة، والواقف ما ملكه مِلْكَ إطلاق، فكيف يملك القيمة مطلقاً؟
وإذا قلنا: يملك القيمة على قول الواقف، فقد أزلنا الوقف، وإذا أزلناه في حق الموقوف، فلا يبقى له عُلقةُ استحقاق؟ قلنا: هذا سؤال مُخيلٌ، ولكنه يجاب عنه بأنا إذا ملَّكنا الموقوفَ عليه رقبةَ الوقف، فكأن الواقف تصدق عليه، وملّكه الرقبة مِلكَ الصدقات، غير أنه حبّس عليه الملك، فإذا انحل الحبس الذي هو نعت ملك الموقوف عليه، بقي الملك المطلق.
هذا إذا كان الجاني أجنبياً.
5756 - فأما إذا قتل الواقفُ العبدَ الموقوفَ، فإن حكمنا بأن القيمة التي يلتزمها الأجنبي بقتل العبد تُصرف إلى الواقف ملكاًً، فإذا كان القاتل هو الواقف، لم يلتزم شيئاً؛ فإنه لو التزم القيمة، لالتزمها لنفسه. وهذا محال.
وإن قلنا: القيمة التي يلتزمها الأجنبي مصروفةٌ إلى عبدٍ، أو إلى شقص من عبد، فعلى الواقف القيمة لتصرف إلى الجهة التي ذكرناها.
وإن قلنا: القيمة التي يلتزمها الأجنبي تُصرف إلى الموقوف عليه ملكاًً، فعلى الواقف القيمة للموقوف عليه إذا كان هو القاتل.
5757 - ولو قتل الموقوفُ عليه العبدَ الموقوف، اتجهت هذه الوجوه في حقه، فإما ألا [نوجب] (?) عليه شيئاً؛ تفريعاً على أن القيمة التي يلتزمها الأجنبي مصروفة إلى الموقوف عليه ملكاًً، وإما أن نقول: على الموقوف عليه القيمةُ لتصرف إلى شراء عبد، وإما أن نقول: على الموقوف عليه القيمةُ للواقف؛ تفريعاً على أن ما يلتزمه الأجنبي مصروفٌ إلى الواقف ملكاً.