5744 - فإذا كان الوقف متعلِّقاً بالمتولِّي، فاليد نتُبعُها شرطَ الواقف، فلا يمتنع أن يشترط كون الوقف في يده، أو في يد ثالث. وإن أطلق الوقفَ، فاليد في الوقف تتبع التصرّفَ، فإن أثبتنا حقَّ التصرف للموقوف عليه، وجب تسليم الوقف إليه، وإن أثبتنا حقَّ التصرف للواقف، فيقرر الوقف في يده، والقول الجامع أن اليد تتبع التصرفَ، وقد مضى التفصيل في ذلك، وتولِّيه عند الإطلاق والشرط.
5745 - ومذهبنا أن لزوم الوقف لا يتوقف على إقباضه للموقوف عليه وتسليمه إليه، وليس كالهبات والصدقات، وخالف في هذا أبو يوسف ومحمد (?)، واضطربت مذاهبهم. هذا منتهى القول في التولية، وما يتعلق بها.
فصل
5746 - قد ذكرنا في أثناء الكلام مصارفَ الوقف، إذ جرى ذكرها معترضاً، ونحن نجمعها على الإيجاز في هذا الفصل، فنقول:
الوقف ينقسم إلى وقف تمليك، وإلى وقف قربة.
فأما وقف التمليك، فالضابط فيه أن كل من تصح الوصية له يصح الوقف عليه.
وذهب معظم الأئمة إلى أن الوقف على المساكين يلتحق بالقربات، ويُرعى في هذا المسلك طريق القُربة، وآية ذلك أنه لا يجب استيعاب المساكين، بل يسوغ الاقتصار على ثلاثة منهم؛ فعلى هذا لا يلتحق الوقف على المساكين بقسم وقف التمليك، ويترتب على هذا امتناع الوقف على اليهود والنصارى.
وحكى شيخي عن القفال أنه كان يُلحق هذا القسمَ بوقف التمليك، ويجوّز الوقف على الكفار، وعلى الفسقة، ومعاقري الخمور، والمُجّان، كما يصح الوقف على معينين من هؤلاء. وهذا قياس حسن، وربما كان لا يذكر شيخي في بعض الدروس غيرَه. والوصية تصح لهؤلاء، كما تصح لمعينين منهم، وإنما ينفصل المذهب في الوصية لأهل الحرب بالسلاح، كما سيأتي في كتاب الوصايا، إن شاء الله تعالى.