نفهمه منه أن الإنسان لا يؤخر العمارة عن التحجر إلا في زمانٍ يتهيّأ فيه للعمارة، ويهيِّء أسبابَها. والوجه فرض ذلك من متمكن من تهيئة أسباب العمارة، فإذ ذاك [يعتبر] (?) زمان التهيؤ، فأما إذا تحجر فقيرٌ بقعة، وأخد ينتظر أن يُملّكه الله عزّ وجل ما يهيّىء به أسباب العمارة، فهذا لا معوّلَ عليه، وكذلك لو تحجّر المتمكن بقعةً، وزعم أنه سيعمُرُها في السنة القابلة، فلا حكم لتحجّره، والأصلُ ألا ينفصل التحجرُ عن العمارة إلا بمدة التهيُّؤ.
وإذا حصل الانقطاع، فلا فرق بين أن يكون هذا عن عذر: مثل أن يغيب أو يُحبس، وبين أن يكون عن [إضرابٍ] (?) وإعراضٍ، والأصل في الباب أن عامة المسلمين مشتركون في الموات، وأثر التحجُّر ما نصصنا عليه. [فإذا زال أثرُ التحجّر] (?) ووقعُه، استمر حكمُ الاشتراك، وهو الأصل، وإذا أقطع الإمام بقعةً فالمُقطَع فيه كالمتحجِّر، فليشتغل بالعمارة، على حدّ اشتغال المتحجّر، فإن لم يفعل، كان القول [فيه] (?) كالقول في المتحجر في جميع ما قدمناه.
وبَيْن أئمتنا الخلافُ في أن من ابتدر وأحيا البقعة المتحجَّرة قبل ظهور التقصير من المتحجِّر، فهل يملك بالإحياء؟ على خلاف سيأتي في الصيد، وهو أن ظبيةً لو توحّلت في ملكٍ لإنسان، أو عشَّش طائرٌ في ملكه، فصاحب الوحل والملك الذي فيه العُش لا يملك الظبيةَ والفرخَ، ولكن ليس لغير المالك أن يأخد الصيدَ والفرخَ، فلو أخذه هل يملكه؟ فيه خلافٌ سيأتي مشروحاً، إن شاء الله تعالى.
ووجه التشبيه أن التوحّل والتعشيش في الملك أثبت للمالك على الجملة حقّاً، والاصطيادُ سببٌ للتملك، فإذا ورد على حق التملك، كان مختلفاً فيه، كالتحجُّر مع الإحياء.