منه مقداراً مثلاً، ولم يكن ذلك المقدار حاجزاً، فلا يحصل الملك به، فإذا لم نجعله مالكاً، جعلناه متحجراً، كما سنصف على أثر ذلك التحجرَ وحكمَه، فإذا أضرب عن استتمام العمارة، وتبين ذلك منه، فأراد إنسان أن يعمر تلك البقعة، واحتاج إلى نقض ما بناه ذلك الأول، فهذا سائغٌ، وأرى ذلك مشروطاً بالتزام الضمان في النقص الذي يُحدثه القلعُ؛ فإن الذي بنى كان له أن يبني، وكلُّ من بنى بناءً مباحاً، ثم تسلّط الشرعُ على نقضه، فعلى الناقض أرشُ ما ينقصه القلع.

وتمام البيان في هذا يتضح بفصل التحجر كما سنذكره الآن إن شاء الله.

فصل

قال: " ومن أُقطع أرضاًً أو تحجّرها، فلم يعمُرها ... إلى آخره " (?).

5597 - اتفق أصحابنا أولاً أن لإقطاع الوالي مساغاً في الأراضي الموات، وليس الإحياء مشروطاً بالإقطاع، كما ذهب إليه أبو حنيفة (?)، فمن ابتدر وأحيا بقعة من الموات، ملكها، وإن لم يراجع الإمامَ، ولا معترضَ للأئمة فيما فعله، ولكن إذا جرى إقطاعُ صاحب الأمر، اختُصّ المقطَع بمحل الإقطاع، حتى لا يزاحمَ فيه اختصاص المتحجر. والتحجُّرُ أن يبتدىء الرجل تحقيقَ قصده في إحياء بقعةٍ، فينصب عليها علامة، بأن يخط حولها خطوطاً بيّنةً، أو يغرز خشباً وقصبات، أو يجمع حولها تراباً، وليس ما يأتي به محسوباً من العمارة، [وإنما يفعله إعلاماً أنه يهمّ بالعمارة] (?) حتى لا يقصد البقعةَ مبادرٌ.

هذا هو التحجر. وغرضُه الإعلامُ، فيحصل بما يحصل به الإعلام.

5598 - ثم ليس لغير المتحجّر أن يعمُر الموضعَ المتحجَّر، فإن ابتدره وعمَره مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015