البقعة لإمكان السكون فيه، ولا يشترط في تتمة الإحياء أن يسكن.

وقد ذكرنا أن ظاهر المذهب أنه إذا أراد اتخاد بستانٍ، فلا بدّ من غرس الفسيل، وهذا القائل يفرق بين البستان والمزرعة، ويقول: اسم البستان لا يُطلق على البقعة قبل الغرس، واسم المزرعة يثبت قبل الزراعة.

ومن أصحابنا من أجرى في الغراس والمقصودُ البستانُ خلافاً، وزعم أنه لا يشترط في وجهٍ؛ فتحصّل في الزراعة والغرس ثلاثةُ أوجه.

وذكر شيخي تردداً في أنا إذا جرينا على الأصح في اشتراط الغرس في البستان، فهل يشترط أن يَعْلَق الغراس، أم يكفي في جريان المِلْك الغرس؟ فذكر في ذلك خلافاً، والوجه عندنا القطعُ بأن العلوق ليس شرطاً.

ولا شك أنه يشترط فى اتخاد المزرعة التسوية والتكريب والتقليب بالثيران والفدان (?)، أو المساحي، هذا لا بد منه، فلو عمد إلى مواتٍ، وحرثه وبذره، معتمداً على القَطْر والمطر، فقد تردد صاحب التقريب في أن هذا هل يكون إحياء مملِّكاً؟ ومال إلى أنه لا يكون مملّكاً؛ فإن هذا لا يعدّ أمراً مؤبداً معتمداً، ولا اعتماد حتى تستند البقعةُ إلى ماءٍ يعتمد، كما قدمناه.

قال: ويحتمل أن يحصل الملك؛ فإن المطر من جهاتِ السقي، ويحتمل أن يفصّل الأمر في ذلك رجوعاً إلى العرف، ويقال: إن كان أهل الناحية يعتمدون المطر. ويتّكلون عليه، فيكون ما فعله إحياء، وإن كانوا لا يعتمدون المطر، فمن (?) فعل ما وصفناه عُدَّ طالباً رزقاً على غرر، فهذا محلّ تردد صاحب التقريب.

فإن قيل: هلاّ قطعتم في الصورة الأخيرة بأنه لا يملك لما أشرتم إليه، قلنا: لأن المزرعة تنقسم في عرف الزرّاعين، فمنها مزرعةٌ أصلية تعتمد ماءً عِدّاً، ومنها مزارع مهيّأة على الأمطار.

5591 - فهذه جُملٌ من كلام الأصحاب فيما يكون إحياءً وفيما لا يكون إحياءً.

ومجاري كلامِ الأصحاب دالّةٌ على اختلاف صفةِ الإحياء باختلاف المقصود في المحيا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015