قليل من كثير غيرُ مجاوز للقدر "، وقد يتجه تصويب المزني بأن نجعل (مجاوز) نعتاً لكثير، [فنكسر] (?) الزاي، فيقال: من كثيرٍ مجاوزٍ للقدر.
5581 - ثم قال الشافعي: " وفي حماه -[عنى] (?) رسول الله صلى الله عليه وسلم- صلاحٌ لعامة المسلمين، وذكر وجهَ الصلاح (?).
وكان للعرب في الجاهلية حِمًى، فكان الكبير منهم يحمي لنفسه، إذا انتجع بلداً مخصباً، فكان [يوفي] (?) بكلبٍ على جبل أو نشزٍ، ثم استعوى الكلبَ، ووقف له من يسمع منتهى صوته، فحيث انتهى عواؤه حماه من كل ناحية لنفسه، وهو يرعى مع العامة فيما سواه، ولا شك في فساد مثل هذا.
ثم قال المزني: ورسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يحمي، إن شاء الله تعالى، لصلاح عامة المسلمين. وهذا استثناء (?) في غير موضعه؛ فإنه يتضمن شكّاً، وتردّداً، والشافعي لم يقل هكذا، ولم يذكر الاستثناء في حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: إنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يذكر الاستثناء، فحذف المزني الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضع الاستثناء مكانه.
5582 - ثم احتج الشافعي على أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يحمي إلا لصلاح العامة، وإن جاز له الحمى لخاصته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يملك [مالاً] (?) إلا ما لا غنى به وبعياله عنه، وأنه صلى الله عليه وسلم ملك خمسَ الفيء والغنيمة، وأربعة أخماس الفيء، وكان يصرف خمس الخمس إلى الكُراع والسلاح عُدّةً في سبيل الله، وينفق على نفسه وعياله من أربعة أخماس الفيء، ويدّخر منها نفقةَ