وهذا الاختلاف الذي ذكره الأصحاب في الوقف لست أرى له وجهاً، بل يجب عندي القطعُ بأن البطنَ الثاني يتلقى الاستحقاقَ من الواقف؛ فإن المتبع في الوقف، وتعيينَ المستحقِّ والقدرِ شرطُ الواقف، ومن في البطن الثاني يستحق [بما] (?) يستحق به من في البطن الأول ولا وِراثةَ (?) في الوقف.
ولكن توجيه الوجهين مع القطع بما ذكرته ممكنٌ؛ فإن الإجارة صحت من البطن الأول على حالٍ، فلا يمتنع الحكمُ بدوامها.
ثم إذا حكمنا ببقاء الإجارة في بقية المدة، فيجب صرف حصة تلك المدة إلى البطن الثاني لا محالة، ولو استنفق من في البطن الأول جميعَ الأجرة، فحصة بقية المدة دينٌ في تركته. هذا لا بد منه، ولا شك فيه.
5158 - ثم ذكر الأصحاب وجهين في انفساخ الإجارة، وهذا يستدعي عندنا نظراً، والوجه ألاّ نذكر عبارةَ الانفساخ، بل نقول: نتبيّن في وجهٍ أن الإجارة باطلةٌ في بقية المدة؛ من جهة أنا علمنا أن من في البطن الأول تصرّف فيما لم يكن له. ومساق هذا يقتضي [تبيّنَ] (?) البطلان، لا الحكمَ بالانفساخ؛ فإن الانفساخ يُشعر بانعقاد العقد، ثم بارتفاعه بعد حقيقة الانعقاد، كقولنا: إذا تلف المبيع قبل القبض، انفسخ البيع، وكقولنا: إذا انهدمت الدار في أثناء مدة الإجارة، انفسخت في بقية المدة، فلا معنى إذاً للانفساخ في مسألة الوقف. ولم يصرح بالبطلان على أحد الوجهين إلا الصيدلاني، والأمر على ما ذكرنا، ووافق فيه الصيدلاني.
5159 - ومما يتصل بهذه القاعدة، ويناظر ما نحن فيه أن الولي إذا آجر الطفلَ، فهو جائز على حكم الغبطة على الجملة، فلو أجَّره مدةً سيبلغ بالسن في أثنائها لا محالةَ، فالإجارة وراء البلوغ باطلةٌ؛ فإنها وقعت وراء أمد الولاية. وهل تصح الإجارة في المدة التي تقع في الصبا؟ ذكر الأصحاب بطلانَ الإجارة من غير تفصيل،