الماضية، وإذا أمكن تقليل الغرر، تعيّن في عقود الغرر. ثم هذا القائل يرعى هذا في السنين؛ فإن إدراك حصص الشهور قريب، وإنما يُتوقع التفاوت في السنين، لتطاول الآماد بها.
وهذان القولان يقربان من الخلاف الذي حكيناه في كون الأجرة جزافاً مشاراً إليها.
5150 - ومما يتعلق بهذه الفصول أنه لو قال: أجرتك هذه الدارَ سنةً، مبتداها من وقت العقد، صح ذلك.
ولو قال: أجرتك هذه الدارَ سنةً، ولم يذكر أنها السنة التي تعقب العقد، فقد اختلف أصحابنا في ذلك، فذهب بعضهم إلى أن الإجارة تفسد؛ فإن السنة ذكرت مطلقةً مجهولةً، وهي متناولة للسنة المتصلة بالعقد ولغيرها، والإجمال في صيغ العقود يفسدها.
ومن أصحابنا من يصحح الإجارة، وإلى ذلك مال الجمهور؛ فإن السنة إذا ذكرت على الصيغة التي ذكرناها، لم يُفهم منها في مطرد العرف إلا السنة المتصلة بالعقد، والعرفُ إذا اقترن باللفظ المجمل بيّنه وأوضحه. وهو كما لو قال: بعتك عبدي هذا بألف درهم، فاللفظ في نفسه مجملٌ من طريق وضع اللغة، ولكنه محمول على النقد الغالب يوم العقد.
وهذا متِّجه، ولا يبقى معه للوجه الأول متمسك، إلا أن يقال: الإجارة تقع على أنحاء ووجوه، وقد لا يحيط بتفاصيلها إلا الخواص، والمدة تختلف فيها، ولا يمكن اطراد العرف في أنها تحتسب في ظن المتعاملين من وقت العقد، أو من وقت التسليم، وإذا كان الأمر مضطرباً في ظنون الناس، فلا بد فيه من البيان.
5151 - ومما يتعلق بأحكام المدة أنه لو قال: أكريتك هذه الدار شهراً من السنة، ولم يعين الشهر، فهذا فاسد وفاقاً. وما ذكرناه من الخلاف فيه إذا ذكر شهراً، ولم يضفه إلى سنة، فإذا قال: شهراً من السنة، فتقديره: أكريتك شهراً من شهور السنة، وهذا إبهام لا شك فيه.