وإذا فاتت العين المستأجرةُ في أثناء المدة، فات بفواتها المنفعة المستحقة في بقية المدة؛ فإن الإجارة عقدت للمنفعة التي تحتويها المدة.
ثم ذكر الأئمة أحكاماً في طريان الملك على الإجارة، ونحن بعون الله تعالى نأتي بها موضّحة مشروحة إن شاء الله عز وجل.
5105 - فنقول أولاً: من نكح أَمَةً، ثم ملكها بإرثٍ، أو اكتسابٍ، فينفسخ النكاح بطريان الملك على رقبة الزوجة، بلا خلاف.
ومن اكترى داراً اكتراءً صحيحاً، ثم ملك في أثناء المدة رقبةَ الدار بإرثٍ، أو اكتسابٍ، فهل نقضي بانفساخ الإجارة في بقية المدة، فعلى وجهين مشهورين: أحدهما - أنا نحكم بالانفساخ قياساً على النكاح؛ إذ لا خلاف أن طريان الملك على الزوجة يتضمن انفساخَ الزوجيّة، والجامع أن ملك اليمين يُثبت استحقاق منفعة البضع، والنكاحُ يتضمن ذلك، فيستحيل (?) أن يستحق منفعةَ البضع بجهتين. وملكُ الرقبة لا سبيل إلى درائه (?) ودفْعه، فاقتضى ذلك انقطاعَ النكاح. فكذلك ملك الرقبة يتضمن ملك المنفعة، والإجارة تقتضي ملكَ المنفعة، فلا يسوغ اجتماعُ موجبي الاستحقاق في شيء واحدٍ.
5106 - ومن أصحابنا من قال: لا تنفسخ الإجارة بطريان الملك على الرقبة، بل تبقى على مقتضاها، كما سنبين حكمَ بقائها بالتفريع، إن شاء الله تعالى.
ولو أكرى الإنسانُ داره، ثم إن المالكَ المكري اكترى تلك الدارَ من المكتري، ففي صحة ذلك وجهان [مأخوذان] (?) مما تقدم ذكرُه. فإن جعلنا ملك الرقبة والاستئجارَ نقيضين، لم تصح الإجارة، وإن حكمنا بأنهما لا يتناقضان، وإذا طرأ الملك على الرقبة، بقيت الإجارةُ، فنحكم بأنه يصح من المالك أن يُكريَ ملكه، ثم يكتريه من المكري.