وبالجملة إنما يتميز المقصود بحكم العرف.
ومن أئمتنا من قال: هما جميعاً مقصودان. ولعله الأصح، والأعدلُ؛ فإنه يجوز الاستئجار على كل واحدٍ منهما، على حياله. وما ذكرناه من منع إفراد الإرضاع عند بعض الأصحاب بعيدٌ، وقد فسرناه بما يخرج معظم أفعال الحاضنة، فبان أن كل واحدٍ منهما يجوز إفراده بالعقد، فإذا جمعا كانا مقصودين.
التفريع على الوجوه:
5085 - إن قلنا: المقصود الحضانة، فلو انقطع اللبن، لم تنفسخ الإجارةُ؛ لبقاء مقصودها، ولكن يثبت الخيار، كما لو استأجر طاحونةً، وانقطع الماء المدير، فللمستأجر خيارُ الفسخ.
ومن قال: المقصود اللبن؛ فإذا انقطع، وجب الحكم بانفساخ الإجارة.
ومن جعل اللبن والحضانة مقصودين، فإذا انقطع اللبن، وجب أن يقال: هو بمثابة ما لو اشترى عبدين، فتلف أحدهما قبل القبض، فينفسخ البيع في التالف، وفي الانفساخ في الثاني قولا تفريق الصفقة.
هذا بيان الوجوه وفوائدها.
5086 - وقال قائلون: ما ذكرناه من أن الحضانة تتبع الإرضاعَ، والإرضاعُ يتبع الحضانةَ مأخوذٌ من هذا الاختلاف الذي ذكرناه في أن المقصود من الإجارة المشتملة على الحضانة والإرضاع ماذا؟ وهذا غفلةٌ عن مأخذ الكلام؛ فإن الإتباع والاستتباع محالان على حكم العرف، كما قدمناه، بدليل أنه يجوز إفراد الحضانة والتصريحُ بقطع الإرضاع، وكذلك يجوز إفراد الإرضاع والتصريح بقطع الحضانة.
فرع:
5087 - ليس للمنكوحة أن تؤاجر نفسها للإرضاع، وإن كان الزوج لا يستحق منها هذه المنفعة، والسبب في المنع أنها لا تقدرعلى تسليم نفسها، وعلى توفية ما يستحق عليها، ولو قدرنا صحة الإجارة؛ إذ لو أرادت إدخال الصبي دار زوجها، لم يكن لها ذلك، وللزوج منعها من الخروج. ولو أجرت نفسها بإذن زوجها للإرضاع، صح ذلك، ثم يجب الوفاء بالعقد.
5088 - ولو أراد الزوج أن يستأجرها لترضع ولده منها، أو من غيرها، فقد ذكر