وقد ينتهي الكلامُ إلى ماهية المنفعة، وليست المنافع (?) رقبةَ العين المستأجرة، ولا ما يعقل من صفاتها كتركّب الجدران وتنضّد السقف على الهيآت (?) المطلوبة، وغيرها من الصفات.
فالمنافع إذن نعني بها تهيُّؤَ العين المستأجرة لانتفاع المستأجِر بها في الوجه المطلوب، ولا مزيد في الأحكام الشرعية على هذه المواقف.
5063 - وقال القاضي: الإجارة ترد على العين، لاستيفاء المنفعة منها، وأشار بذلك إلى أن [العاقد] (?) يقول: أجرتك هذه الدارَ، فيضيف لفظَه إلى عينها، والمقصود استيفاء المنفعة منها.
وهذا الذي قاله قريب؛ فإنه (?) عَنَى [بذكر] (?) العين إضافةَ لفظ الإجارة إليها.
وهذا لا اختلاف فيه، ثم أشار إلى المنافع، وأبان أنها المقصودة، وفيما ذكره مزيد نظر وتفصيل، [سننبه] (?) عليه في ألفاظ هذا العقد، إن شاء الله تعالى.
5064 - فأما القول في الألفاظ التي تنعقد الإجارةُ بها، فاللفظ الشائع الصريح في الباب -من غير استكراه- الإجارةُ، والإكراءُ. فقول المالك: أكريتُك هذه الدارَ سنةً، أو أجرتك بكذا. ولو قال: ملكتك منفعةَ هذه الدار، أو منفعةَ هذا العبدِ شهراً بكذا، صحَّ، باتفاق الأصحاب. وهذا يدل دلالة ظاهرة على أن المعقود عليه المنافع.
5065 - ولو قال: بعتُ منك منافعَ هذه العين شهراً بكذا، ففي صحة الإجارة وجهان مشهوران: أظهرهما - أن الإجارة لا تنعقد؛ لأن لفظ البيع موضوعٌ لتمليك الأعيان، فاستعماله في المنافع بعيدٌ عن موضوعه، ونقْلٌ له عن حقيقة بابه.