المراوزة، والعراقيون في توجه المطالبة على العامل (?) خلافاً، وقالوا: من أصحابنا من قال: لا تتوجه المطالبة على العامل، وهو ظاهر كلام المزني، ومنهم من قال: تتوجه المطالبة عليه، وهذا الخلاف في توجيه المطالبة أولاً، لا في قرار الضمان.

ثم وجه الأئمة الخلاف بأن قالوا: لا تثبت اليد للعامل؛ فإنه غيرُ مستحفظٍ بخلاف المودَع؛ فإنه مستحفظٌ من جهة المودع، واستدلّوا في ذلك بأن قالوا: لو جرت المساقاة مع المالك، ثم سُرقت الثمار، وكانت على رؤوس الأشجار بتقصيرٍ من العامل في الحفظ؛ فلا ضمان عليه؛ فإنا لا نكلّفه القيامَ بالحفظ، وإنما نكلفه الأعمال المشهورة المؤثرة في تنمية الثمار.

فهذا وجهُ من لا يضمّن العامل الآخذ من جهة الغاصب.

والوجه الثاني- أنه يضمن لثبوت يده ظاهراً حساً.

قال القاضي: قد ذكرنا تردداً في أنه هل يجب على العامل القيام بحفظ الثمار، وهل يلتحق ذلك بالأعمال المشروطة عليه، وهذا الخلاف الآن دليلٌ على ذلك التردد الذي قدمناه، فيجب أن نقول: إن ألزمناه الحفظَ، توجهت عليه المطالبةُ؛ إذ ترتبت يده على يد الغاصب، وكان كالمستودَع من الغاصب، وإن لم نُلزمه الحفظَ، لم تتوجه عليه المطالبة.

وهذا عندي كلام خارج عن الضبط المعتبر في مثل ذلك، من وجهين: أحدهما- أن اليد وثبوتَها أمرٌ محسوس، فتلقِّي ذلك من وجوب مؤنة الحفظ كلامٌ مضطرب، فالثمار مما تثبت اليدُ عليها، ويد العامل -من طريق الصورة- ثابتةٌ حسّاً، وضرورةً، ومن ثبتت يدُه على عينٍ مغصوبة فيستحيل بعد ذلك إبداءُ المراءِ في أنه هل يطالب أم لا.

وعندي أنه يجب القطع بوجوب الحفظ على العامل في الثمار، حالةَ استمرار يده؛ فإنا لا نجد صاحب (?) يدٍ في ملكِ غيره بجهةٍ شرعيةٍ، إلا وهو مأمور برعاية حق الحفظ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015