ثم قد يعترض في ذلك الكلامُ في [أجرة] (?) مَنْ [يُشارفه] (?)، وفيها إشكالٌ، فإن الحاجة إلى بذلها نشأت من قلة الثقة بالعامل، وظهور الخيانة [منه] (?)، ويبعد عندنا أن تكون هذه الأجرةُ محسوبةً عليه، وهو يزعم أنه ليس يخون في المستقبل.
وإن كان يعترف بالتمادي على الخيانة مهما وجد فرصةً، فيجب تنحيتُه، والاكتراءُ عليه، وإذْ ذاك يُستغنى عن الرقيب وأجرتِه.
ولو لم تثبت خيانةٌ من العامل، ولكن المالك اتّهمه، فلا تُزال يده عن النخيل، ولكن ينصب عليه المالك مشرفاً يطالع أحواله إن شاء، ولا يرتاب الفقيه في أن نفقة الرقيب ومؤنته على المالك في هذا المقام إذا لم يظهر من العامل خيانة.
فصل
قال: " فإن مات قام ورثته مقامه ... إلى آخره " (?).
5037 - قد ذكرنا أن المساقاةَ عقدٌ لازم، لا ينفسخ بموت العاقد، ثم ننظر، فإن مات رب المال؛ أكمل العامل ما بقي من الأعمال، واستحق المشروط له من الثمرة.
وإن مات العامل، فالذي قدمناه من لزوم المعاملة يقتضي ألاّ يحكم بانفساخ المساقاة. وهذا هو الذي ذكره المزني، وقطع به الأصحاب في طرقهم، وهو الذي صححه الشيخ أبو علي.
وحكى وجهاً غريباً عن بعض الأصحاب أن المساقاة تنفسخ بموت العامل، وهذا وجهٌ ضعيف لا مستند له من أصل؛ فإن الحقوقَ اللازمةَ إذا أمكن تحصيلها بعد الموت، لم تنقطع بالموت، فالذي حكاه غلط إذن، غيرُ مُعتدٍّ به.
والوجه أن نقول إذا مات العامل، لم يخْلُ: إما أن يُخلّف تركةً تفي بتحصيل العمل، وإما ألاّ يُخلّف.