ولو شرط رب النخيل أن يُعينَ العاملَ بثيرانٍ عوامل، أو ما في معناها من الآلات
التي يحتاج إليها العامل، لم يضرّ شرطُ ذلك، اتفق الأئمة عليه في الطرق، والفرق أنها ليست عواملَ بأنفسها (?)، وإنما هي كالآلات، والعملُ مضافٌ إلى مستعملها، ولا يُتوقع منها مزاحمةٌ، بخلاف عبيد رب النخيل. وإنما يتّضح هذا الفصل بآخره.
5014 - وقد ذكر المزني في آخر مسائل التحري شيئاً، وأنا أرى في طريق البيان أن أذكره الآن: فلو شرط العامل أن يستأجر في الأعمال الأجراءَ، أو في بعضها، وشرط أن تكون أجرتُهم على المالك، ففي جواز ذلك وجهان: أحدهما- أنه يسوغ. والثاني- لا يسوغ.
توجيه الوجهين: من قال: لا يجوز شرطُ ذلك، احتج بأن الأعمال إذا تولاها الأجراء واستحق المساقَى جزءاً من الثمار، لم يكن استحقاقه في مقابلة عمل [و] (?) رب المال كان متمكناً من تحصيل تفاصيل هذه الأعمال بالأجراء، فإذا حصلت بهذه الجهة، والتزم المالك الأجرة، لم يبق للعامل مع ذلك معنىً.
ومن قال بالجواز، احتج بأن قال: إذا وقع التشارط كذلك، فالمطلوب من العامل استعمالُ الأجراء في الوجوه التي يستصوبها، وتخيّر الأوقات للأعمال، وانتصابه قهرماناً (?) عليهم، وهذا جارٍ في العرف.
فإن قيل: هلا وقع القطعُ بجواز ذلك اعتباراً بمؤنة الحمال والكيال والدلال في مال القراض؛ فإن مؤنهم محسوبة من عُرض (?) المال، فليكن الأُجراء بهذه المثابة؟
قلنا: لا سواء؛ فإنّ الأعمال التي يتولاّها هؤلاء في القراض لا يتولاها التاجر بنفسه، ويستحيل أن نكلف مرموقاً في التجارة أن يتعاطاها، فتلك الأعمالُ خارجةٌ عن كونها ثابتةً على المقارض، والأعمال التي يقع استئجار الأجراء عليها في مسألتنا