وقد قدمنا صورة المزارعة، وأوضحنا أن البذر فيها يكون من جهة مالك الأرض، والعمل من الزراع.
5001 - فلو ساقى المالك رجلاً على النخيل وخابره على الأراضي المتخللة.
والمخابرة أن يكون البذر من العامل، ويقع شرط جزء من الزرع لمالك الأرض عوضاً عن منفعة أرضه.
فلو جرت هذه المعاملة في الأراضي في ضمن المساقاة على النخيل، ففي المسألة وجهان ذكرهما الشيخ أبو علي: أحدهما- أن المخابرة صحيحة لمعنى التبعية؛ فإنها في معنى المزارعة، وكل واحدة منهما باطلة لو أفردت.
والوجه الثاني- أن المخابرةَ فاسدة؛ لأنها لا تُضاهي المساقاة؛ من جهة أن وضع المساقاة على شرط [شيء] (?) من الثمار للعامل، والأصل أن تكون الثمار لمالك الأشجار، والمزارعة في معناها؛ فإن الغلّة تبعُ البذر، فالأصل أن تكون الغلةُ بكمالها للمزارع، فإذا شُرط جزء منها للعامل؛ فإن (?) ذلك كشرط جزء من الثمار للعامل؛ وليس كذلك المخابرة؛ فإن البذر فيها من العامل، والأصل أن تكون الغلة له.
وكل هذه المسائل تدور على التبعية، ومراعاتها.
وكل ما ذكرناه فيه إذا كانت الأراضي بحيث لا يتأتى إفرادها [بالسقي] (?) والعمل دون النخيل، وكانت مع ذلك قليلةً، لا يجرّد القصدُ إلى إفرادها.
5002 - فأما إذا كانت تلك الأراضي كثيرة، وكان يمكن إفرادُها بالعمل فيها، فلا تجوز المزارعة عليها مع النخيل، وإن احتوى عليها حائط واحد.
ولو كثرت الأراضي، ولكنها كانت لا تفرد بالعمل، ولا يتأتَّى إفرادها، ففي المسألة وجهان: أحدهما- أن المزارعة فاسدة؛ لأنها بكثرتها يمتنع تقديرها تبعاً.