مع عامل منفرد، وفيه خبطٌ آخر؛ فإن من ينفرد بقبول المزارعة لو عمل على تلك الأراضي، لعمل على النخيل، والمساقَى لو عمل على النخيل، لعمل عليها، فلا يتأتى انفصال الأمر في ذلك.
ولو أدرج المزارعة والمساقاة تحت عبارةٍ، واتَّحد العاملُ، ولم يتفاوت المقدار المشروط من الزرع والثمرة، فهذا هو الذي يصح وفاقاً، وهو أن يقول: عاملتك على النخيل والأراضي التي في خللها على أن لك النصف من الثمر والزرع، فهذا جائز لما ذكرناه.
4999 - فلو اتحد العامل والمالك، ولكنه أفرد المزارعة على الأراضي بعقد، وأفرد المساقاة على النخيل بعقد، فحاصل ما ذكره الأصحاب في ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها- أن المزارعة فاسدة؛ لأنها أُفردت مقصودةً بالعقد وأُخرجت عن حقيقة التبعية، وهذا هو الأقيس.
والوجه الثاني- أنها تصح؛ فإن العامل إذا اتحد، ولم يؤد إلى اختلاط العمل، فالمقصود حاصل، ولا أثر للإفراد والجمع.
والوجه الثالث- وهو أعدل الوجوه- أن المساقاةَ إذا تقدمت، وثبتت المزارعةُ بعدها، فنحكم بصحتها؛ فإنها تدخل على المساقاة، وتلحقها لحوقَ التابع المتبوعَ.
فإذا تقدمت المزارعة، لم تصح؛ فإنها أُثبتت متبوعةً مقصودةً على سبيل الاستفتاح.
ويشهد لهذا أن من باع الأشجار وعليها ثمارٌ مؤبرة، فالثمار تبقى لبائع الأشجار، فلو باع الثمارَ بعد بَيعْ الأشجار من مشتري الأشجار، ففي اشتراط القطع خلاف ذكرناه في كتاب البيع. ولو باع منه الثمار أولاً، ولم يشترط القطعَ، وهي غيرُ مزهية، فلو باع الأشجار ممن اشترى تلك الثمار، فبيعُ الثمار مقر على حكم البطلان.
ثم من يرى تصحيح المزارعة وإن تقدمت، فيضطر فيها إلى تقدير (?) الوقف والتبيّن؛ فإنه لو فرض الاقتصارُ على المزارعة، فهي فاسدةٌ لا شك فيه، فكأن المساقاة بعدها تُبيِّن صحتها. وهذا فيه بُعد، ولكن أشار إليه الشيخ أبو علي.