فإن كان النقصان من غير انحطاط السوق، فهو محمولٌ على التضييع، ولكن التبس الأمر، فلزمه الضمان، وإن انحط السوق، فعليه جبر ذلك النقصان.

وهذا فيه فضل نظر؛ [فإنا] (?) إذا بعنا الجاريتين، وقسمنا قيمتهما، فالقراض لا يرتفع، ولو أراد المقارَض أن يتمادى على التصرف، جاز ذلك، ما لم يفسخ القراض.

ثم إذا فرضنا خسراناً عن انحطاط السوق، فإطلاقُنا القولَ بأنه يجب جبره، معناه أنه يُجبر بالربح، الذي سيكون، وهذا لا يجب؛ فإن المقارَض لو أراد الانكفاف عن العملِ [والاسترباحِ] (?)، كان له ذلك، والخسران في القراض لا يجبر إلا بالربح المستقبل. فإذا كان لا يجب الاسترباح، فكيف يجب جبرانُ الخسران؟ والوجه في ذلك أن قيمة الجاريتين إن انحطت على نسبة واحدة من غير تفاوت، وكانت القيمتان متساويتين، فإيجاب جبران الخسران بعيدٌ هاهنا. وإن انحطت قيمةُ واحدةٍ دون الأخرى، والتفريع على أنهما تباعان، فلا يمتنع وجوب الجبران هاهنا؛ فإن كل واحد من المالكين يقول: لعل الجارية التي لم تنقص هي لي، فيصير العامل جانياً جنايةً تقتضي الغرمَ بسبب النسيان. ثم هذا الجبران إن وجب، فهو من مال هذا العامل، لا من الربح الذي سيكون.

فهذا منتهى النظر في التفريع على هذا القول.

4962 - وإن فرعنا على القول الثاني، فالجاريتان تنقلبان إلى ملك العامل إذا تحقق اللّبس، ثم اختلف جواب الأئمة، فقال بعضهم: يغرَم المقارَض لهما أموالَهما، ولا نظر إلى قيمة الجاريتين. وإليه إشارة العراقيين، وهذا يلحق بانقلاب البيع إلى الوكيل، وتنفيذه عليه. وقد مضى لذلك أمثلةٌ في كتاب الوكالة.

وذهب طوائف من المحققين إلى أنه يغرَم قيمة الجاريتين ويقسطها عليهما بالسَّويّة، وهذا إذا لم تنقص القيمتان عن مالَيْهما، وإن زادت القيمتان التزمهما وجُعل بالنسيان كأنه أتلف الجاريتين. وإن كانت القيمتان أقلَّ، فلا بد من جبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015