القراض عبد، فلا ينفرد رب المال بكتابته، وكذلك العامل لا يكاتبه، وذلك لأن الكتابة بمنزلة الإتلاف، ولهذا يُحسب على المريض من ثلثه، وهذا بيّنٌ، والغرض وراءه.

فإن اتفقا على الكتابة صحت، ثم ينظر: فإن لم يكن في المال ربحٌ، وكاتباه على قدر القيمة، فهو مكاتَب رب المال، يعتِق بدفع النجوم (?) إليه، والولاء فيه له.

والذي ذكره المحققون: أن الكتابة إذا صدرت على التراضي (?) تتضمن في الصورة التي ذكرناها فسخَ القراض؛ فإن الكتابة في حكم الإعتاق، وما يستفاد من المكاتَب أمرٌ جديد وسنَنْعطف على هذا آخراً.

وإن كان في المال ربح: بأن كان رأس المال ألفاً وقيمةُ العبد ألفان، وقد يظهر الربح بالكتابة [بأن] (?) كانت قيمته ألفاً، وكاتباه على ألفين، فالمكاتب بينهما، والنجوم بينهما: لرب المال ثلاثةُ أرباعها، وللعامل ربعها، فإذا أُعتق فثلاثة أرباع الولاء لرب المال، وربعُه للعامل. وهذا -من كلام الأصحاب- دليلٌ على أن الكتابة لا توجب فسخ القراض على الإطلاق؛ فإنهم أجرَوْا التصرفَ في نجوم الكتابة للمقارَض، لمّا فرضوا ورود الكتابة بعد ظهور الربح، وزادوا [على هذا، وفرضوا الربح بعقد الكتابة. فكأنهم اعتقدوا الكتابة منجزة] (?) على هذا التقدير، ووجه التخريج أن الكتابة إن لم تكن مندرجةً تحت التجارة المطلقة، فإذا وقع التراضي بها عُدّت من المكاسب الملتحقة بالتجارات.

وهذا يناظر عندنا البيعَ بالنسيئة؛ فإن المقارَض لا يستفيده بإطلاق معاملة القراض، ولكن إذا وقع الرضا به، التحق بمعاملات القراض.

فليفهم الناظر ذلك، وليرجع من هذا المنتهى إلى أول المسألة: وهو إذا لم يظهر ربحٌ، وكان مالُ القراض عبداً، لا ربح (?) فيه، فوقعت كتابته بقيمته، فمن أصحابنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015