جهة المالك، وتصرُّفُه في مال القراض -ولا إذن من المالك- كتصرف الغاصب، وسنعود إلى ذلك الآن في أثناء الفصل، إن شاء الله.
4919 - هذا إذا قارض العامل رجلاً من غير إذنٍ من المالك.
فأما إذا أذن المالك للمقارَض الأول أن يقارض رجلاً، فهذا ينقسم معناه: فإن أراد بهذا الإذن أن ينسلخ المقارَضُ عن حكم القراض، وينتهض وكيلاً في معاملة إنسان، فهذا جائز، والمقارَض الأول إذا أراد ذلك في حكم السفير عن المالك، وحكم القراض بين المالك والعامل الثاني، ولا يجوز والمسألةُ مفروضةٌ كذلك أن يشترط المقارَض الأولُ لنفسه شيئاًً من (?) الربح؛ إذا (?) لم يعمل؛ فإنَّ استحقاق الربح يترتب على ملك رأس المال، أو على عملٍ فيه، ولم يوجد من الأول ملْكٌ ولا عملٌ، فشرْطُ شيءٍ من الربح له بمثابة شرط جزء من الربح لأجنبي، وقد أوضحنا
فساد ذلك فيما تقدم، وإن كان يعتقد جوازَ شرْط شيء من الربح له؛ من حيث إنه يسعى في تحصيل العمل بنصب العامل، فهذا طمعٌ في غير مطمع؛ فإنّ ربح القراض لا يستحق إلا بعمل القراض، وليس نصبُ المقارَض من عمل القراض، وقد حققنا هذا في أركان القراض.
هذا وجهٌ في تصوير صدور الإذن من المالك في نصب عامل آخر، وقد يُتصور ذلك على وجهٍ آخر، وهو أن يعامل المالك رجلاً والربح بينهما نصفان، ثم يقول للعامل: إن أردت أن تشرك مع نفسك عاملاً، وتجعل ما شرطتُ لك من الربح بينك وبينه على ما تتوافقان عليه [فافعل] (?)، فالذي أشار إليه اختيار الأئمة أن ذلك ممتنع؛ فإنه لو جاز ذلك، لكان العامل الثاني فرعَ الأوّل، والأولُ ليس مالكاً لشيءٍ من رأس المال، ونصيب العامل على ما سيثبُتُ من الربح ليس على موجَب الشرع، وهذه معاملة يضيق فيها مجال القياس، ووضْعُ القراض على أن يكون أحد المتعاقدين مالكاً لرأس المال لا عمل من جهته، والثاني صاحبُ عملٍ لا ملك من جهته.