ومما ذكره صاحب التقريب في تمام الفصل: أنه لو اشترى العامل أباه مطلقاًً، ولم يصرح بصرفه إلى جهة القراض لفظاً، ثم قال: نويت به الصرف إلى جهة القراض، وقلنا: لو انصرف إلى القراض، لم يعتق منه شيء، فهل يُقبل منه ادعاؤه الصرفَ إلى القراض؟ فعلى قولين ذكرهما (?): أحدهما - يُقبل قوله، وهو القياس؛ لأنه الناوي، وإليه الرجوع. والثاني - أنه لا يقبل قوله؛ فإن العقد الذي يُقدِمُ عليه عقدُ عتاقة؛ فإذا أراد حمله على ما ينفي العتقَ عنه، لم يُقبل ذلك منه.

4901 - ومما يتعلق بتفريع القول في العامل أن رأس المال لو كان ألفاً، فاشترى به من يعتِق عليه، ولم يظهر ربحٌ في المال، فقد ذكرنا أنه لا يعتق عليه شيءٌ؛ فإنه لم يظهر في المال ربحٌ، فلو أمسك العبدَ المشترى، فارتفعت قيمته، فصار يساوي ألفين؛ فإن قلنا: لا يملك من الربح شيئاًً قبل المفاصلة، فلا كلام. وإن قلنا: إنه يملك ما شرط له، فهل يعتِق مقدار حصته، فعلى الخلاف الذي ذكرناه. فإن قلنا: إنه يعتق عليه، فهل يسري العتق إلى تمام العبد إذا كان العامل موسراً، فعلى وجهين: أحدهما - أنه يسري، كما لو اشترى والربح ظاهرٌ.

والثاني- لا يسري؛ فإنّ العتق حصل في الدوام، من غير اختيارٍ من جهته، وإذا حصل العتق بجهةٍ، لا تتعلق بالاختيار، فلا يتعلق بها السريان.

ولهذا قلنا: لو اشترى الرجل بعضَ من يعتِق عليه، عتق عليه ذلك القدر، وسرى العتق إلى تمام العبد. ولو ورث الرجل بعض من يعتِق عليه، وعتَق ما ورثه، لم يسر العتق إلى الباقي؛ لأن الوراثة تقتضي ملكاً قهرياً، والعتق المترتب على السبب القهري لا يسري. ومن قال بالوجه الأول، انفصل عن الإرث، وقال: لا اختيار فيه أصلاً، بخلاف ما نحن فيه، فإنه اختار الشراء أولاً، ثم كان له اختيار في الإمساك إلى ظهور الربح، فانتظم الخلاف مما ذكرناه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015