4871 - فإذا تمهد ما ذكرناه من نسبة الربح إلى جزئية إليهما، واتضح أن إثبات الربح بكماله لأحدهما منافٍ لمقصود العقد، فنقول بعد ذلك: لو شرط المالك لنفسه درهماً مثلاً، ثم قال: الربح بعده نصفان بيننا، فهذا مفسد للمعاملة؛ من جهة أنه قد لا يتفق الربح أكثر من درهم، فيؤول حاصل الأمر إلى اختصاص المالك بجميع الربح المتّفق، وكذلك لو وقع الشرط على أن يختص العامل بدرهم، ثم قسمةُ الربح بعده، فهذا مفسدٌ؛ لأن الربح قد لا يزيد على درهم، فيُفضي مقصودُ العقد إلى شرط تمام الربح للعامل.

ولو قال: لك درهم من عُرض المال، والربح إن اتفق نصفان بيننا، فهذا يُفسد لا من جهة الفساد الذي ذكرناه الآن، ولكن ذكر الأجرة للعامل من غير الربح مفسدٌ للعقد كما مهدناه.

وعلّل بعضُ الأصحاب الفسادَ فيه إذا قال المالك: لي درهم أختص به من الربح، والباقي مقسوم بيننا، بأن قال: الجمع بين التقدير وبين الجزئية يُفسد ضبط التجزئة؛ فلا ندري أن المشروط للمالك من الربح كم. ولا حاجة إلى هذا التعليل عندنا.

وفيما قدّمناه مَقْنع.

واستشهد القاضي في محاولة تحقيق هذه العلّة بمسألة في المذهب فيها نظرٌ عندنا، وهي أنه قال: لو قال مالك الصُّبْرة لمن يخاطبه: بعتك صاعاً من هذه الصُّبرة، ونصفُ الباقي منها بكذا، فالبيع باطلٌ لضمه التقديرَ إلى الجزئية، ولو قال: بعتك نصفَ هذه الصُّبرة، لصحَّ. هذا ما ذكروه. وفيه احتمالٌ؛ فإن الصاع معلومٌ، ونصف الباقي معلوم. فإن كانت الصبرة مجهولة الصِّيعان، فقد نقول: لا يصح بيع الصاع منها، فإن جرينا على الأصح، وصححنا بيعَ صاعٍ من الصُّبرة المجهولة المقدار، فذكْرُ نصفها بعد أخذ الصاع منها، كذكْر نصفِها من غير أخذ الصاع، فليتأمل الناظر، وليكتف في مسألة القراض بالمسلك الذي قدمناه.

4872 - ولو قال: قارضتك على أن تتصرف في الثياب والحبوب، وما يتفق من

ربح على الثياب، فهو لي، فهذا فاسد؛ إذ قد لا يتفق الربحُ إلا على الثياب، فيؤدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015