وذهب ابن أبي ليلى إلى أن الشفيع يأخذ بقيمة الشقص، ووافق أن الثمن إذا كان مثلياً يؤخذ الشقصُ بالمثل.

وعماد المذهب أن الشفيع أحَلَّه الشرعُ محل المشتري إن أراد التملك فيما يتصور أن يحل فيه محله، فإن كان الثمن من النقود، أو من ذوات الأمثال، أخذ الشفيع الشقص بمثل الثمن المسمَّى، ولا يتصوّر منه أخذُه بعين المسمَّى؛ فإن الثمن المسمى في العقد خرج من ملك المشتري إلى البائع، فقدر الشرع في تملك الشفيع ثمناً يضاهي ثمنَ الشراء، وقَرَّبَ القول في التقدير والتمثيل على أقصى الإمكان. وهذا ينافي الأخذَ بقيمة الشقص؛ إذْ لو فرض الأخذ بها، لكان ذلك إضراباً عن إيقاع الملك بالشراء للشفيع. ولهذا قلنا: إذا وهب الشريك الشقص من إنسانٍ، فلا شفعة؛ إذ لا عوض، ولا سبيل إلى الأخذ بقيمة الشقص؛ فإنه لو اشترى المشتري بمتقوم، أخذ الشفيع بقيمة ذلك، لا بقيمة الشقص.

ثم الفقه الواقع فيه أن الشريك لا غرض له في البيع من أجنبي، ولو باعه من شريكه، لحصل مقصودُه من الثمن، [ولانْدفع] (?) عن الشريك الضرار، كما تقدم.

فإذا باعه من غيره -وقد ندبه الشرع إلى عَرْضه على شريكه- راغم الشرعُ مقصوده، وصرف البيع إلى الشريك.

وإذا وهب من إنسانٍ وقصد التقرب إليه والامتنان عليه، فربما لا يبغي أن يسلك هذا المسلك مع غيره؛ فإن الأغراض تختلف في المنح والهبات باختلاف الأشخاص، فأعظم داعيةٍ إلى الهبة صفةُ المتهب، وليس كذلك الشراء؛ فإن الداعية إليه تحصيل العوض، والغرض (?) في هذا لا يتفاوت.

وقد بان أنّ الشقص لا يؤخذ بقيمته، ولا سبيل إلى مخالفة الواهب بصرف هبته إلى غير قصده وجهته، واقتضى مجموع ذلك سقوط الشفعة في الموهوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015