تفصيلاً ظاهراً، قد يشذ عنه فكر الفقيه، وذلك أنهم قالوا: إن كان محبوساً بباطلٍ من جهةِ ظالمٍ، فهو معذور، وإن كان محبوساً بحق كالمحبوس بالديْن، وهو قادرٌ على أداء ما عليه، غير أنه يماطل ويسوّف، فهذا الاحتباسُ لا يعذرُه.

4714 - وما ذكرناه تفصيل القول في الحاضر، فلو كان الشفيع غائباً، فبلغه الخبر، فعليه أن يسير نحو الجهة التي فيها طلب الحق، وبها المشتري الذي منه الطلب، ثم لا نكلفه ركوب غرر، ولكنَّه يترصد رُفقةً وثيقة.

ولو وكل وكيلاً، فابتدر وكيله، جاز ذلك، وكفى؛ فإن الوكيل يحل محل الموكّل، وإذا أحللناه محله في الشهود والحضور، مع القدرة على أن يبرز بنفسه ويطلب، فهذا في حق المسافر أولى بالجواز.

وممّا يتصل بمساق هذا الفن: أن الغائب قبل أن يبرح لو وجد المشتري، وكان قد خرج وفاقاً إلى تلك الجهة، فليطلب حقَّه (?) على الفور، وليس له أن يؤخر بناء على أن يعود مع المشتري إلى الناحية التي بها هذا الشقص المبيع؛ فإن الطلب توجّه على المشتري وهو حاضر، فشهود الشقص وغيبته بمثابةٍ.

وتمام الكلام فيما نحن فيه أن المشتري في الحضور مع الشفيع مطالب من جهة الشفيع، فإن طالبه الشفيع خرج من التواني، وإن تركه، وابتدر إلى مجلس الحاكم، واستعدى على المشتري، فهذا من البدار، وهو فوق مطالبة المشتري؛ إذ المشتري لو طولبَ، ربما يتمادى ويقول قولاً محوجاً إلى الارتفاع إلى مجلس الحكم، فإذا وقعت البداية بالحاكم، كان استيثاقاً من المقصود، وتمسكاً بمصير الأمر ومآله.

4715 - فإذا تمهد هذا الأصل، ذكرنا بعده فصلاً اختبط الأصحاب فيه، وهو القول في إشهاد الشفيع على أنه على الطلب، والكلام في ذلك يقع في صور، ونحن نأتي بها على ترتيبٍ نراه أقربَ إلى البيان.

فالمسافر إذا بلغه الخبر، ولم يستمكن من الخروج بنفسه، ولا من إخراج وكيلٍ، فظاهر المذهب أنه لا بد من الإشهاد على الطلب في مثل هذا المقام، والتعليل يأتي بعد طرد الصور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015