من أئمة المذهب أنه لا يحد شاربهم، وإن رضي بحكمنا، إذا كانوا يعتقدون حل الخمر. وهذا وإن كان يغمض الجواب عنه في الخلاف، فهو المذهب.
وذكر أئمة الخلاف وجهاً في وجوب الحدّ وفي كلام الشيخ أبي علي رمز إليه.
وتوجيهه هيّن إن صح النقل، فإنا نستتبعهم في موجب عقدنا، ولا نتبعهم. وقد يعتضد هذا بنص الشافعي رضي الله عنه إذ قال: "لو شرب الحنفي النبيذ حددتُه، وقبلت شهادته" فإذا كان عقد الحنفي في استحلال النبيذ لا يعصمه من الحدّ، فعقد الذمي لا يمنعه من الحد، إذا رضي بحكمنا. وهذا موضع [الغَرَض] (?)، والكلام.
4681 - فإن قيل: ما المعتمد في المذهب الظاهر في الفصل بين إقامة الحدّ على الحنفي وبين الامتناع من إقامة الحد على الذمي؟ قلنا: لما رأى الشافعي المعنى الذي يجب الحد على شارب الخمر لأجله موجوداً في النبيذ، لم يعرّج مع وجود المقصودِ على مذهبِ ذي مذهبٍ؛ فإنا على اضطرار نعلم أن كل خبل (?) يجره شرب الخمر يقتضيه (?) شربُ النبيذ. وإذا كان هذا معتمدَ الحدّ، وهو مقطوع به، فلا وقع للخلاف وراءه. والحنفي مزجور بالحدّ زجرَ غيره. والذمي ليس مزجوراً بحد الشرب، مع العلم بأنه يشرب الخمر إذا [استخلى] (?). وعماد الحد الزجرُ، ولا حاصل له في حق الذمي. وهذا حدٌّ واضح.
4682 - ثم لما ذكر الشافعي هذا في النبيذ، اضطرب الأصحابُ في النكاح بلا ولي، ونكاح الشغار، وما سواهما من الأنكحة المختلف فيها.
فقال أبو بكر الصيرفي (?): يجب الحد على من وطىء في النكاح بغير وليّ، قياساً على شرب النبيذ. وهذا مزيف لا أصل له. والمعنى الذي نبهنا عليه يُسقطه؛ فإن