إن نفّره مع الحل، فطارَ، وجب الضّمان، لا خلاف فيه. وإن اختصر على حل الرباط وفَتْح باب القفص، فمذهبنا الظاهر أن الطيران إن اتصل بالحل، وجب الضّمان، وإن استأخر الطائر بعد الحل، وتخلل زمان يعدُّ فاصلاً بين الفتح والطيران، فلا ضمان.

وقال أبو حنيفة (?): لا يجبُ الضّمان، وإن اتصل الطيران، إذا لم يظهر مع الفتح تنفير. وقال مالكٌ (?): يجب الضّمان سواء اتصل الطيران بالفتح، أو انفصل عنه. وقد ذكر الأصحاب قولين مثل مذهب الإمامين مالك وأبي حنيفة رحمة الله عليهما. فحصل على هذا التقدير ثلاثة أقوال.

والمذهب المشهور منها الفصل كما قدمناه، وعصام المذهب أَنَّ الطيران فعلُ حيوانٍ ذي اختيارٍ، وهذا لا ننكره. وقياسه أنه إذا لم [يجرِ] (?) إرهاقٌ، وحمل على الفعل، ولم يوجد من الفاتح إتلافٌ، ولا إثباتُ يدٍ، فلا يجبُ الضمان. وإذا اتصل الطيران، فالأمر محمولٌ على اقتضاء الفتح تنفيراً، والتنفير فيما لا يعقِل ينزل منزلة الإكراه، والإلجاء [فيمن] (?) يعقل.

ومن حكم بوجوب الضّمان مع الاتصال والانفصال، ألحق ذلك بالأسباب المضمّنة كحفر البئرِ في محل العدوان ونحوه. ومن لم يوجب الضّمان في الاتصال والانفصال، أحال الضياع على فعل حيوانٍ [ذي] (?) اختيار، يعتمد الخلاص.

والمتردي في البئر لا يعتمد التردي فيها.

وسيكون لنا كلام ضابط في كتاب الديات في الأسباب وما يتعلق بها [من] (?) الضمان وما لا يتعلق، إن شاء الله عز وجل؛ فإن القول في ذلك منتشر على من لا يحيط بالمدارك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015