تُحدث النارُ فيه صفةً مطلوبة وإن كان ينقص من عينه، قال الأصحاب: يردّ ما في يده، ويغرَم مثلَ ما نقص، فإن نقص دورق، غرِم له مثل زيته دورقاً؛ فإن نقصان العين في المثليات يقابل بالمثل، ونقصان الصفة مع بقاء العين يقابل بالقيمة.
ومن صور (?) المسألة أن تنتقص المكيلة، وتزداد القيمة وذلك بأن يغصب دورقين، فيرجع بالإغلاء إلى دورق، وكان قيمة كل دورق درهمين (?) قبل الإغلاء.
وهذا الدورق الآن يساوي أربعة دراهم (?)، ففي المسألة وجهان: أحدهما - وهو الأصح - أنه يرد ما بقي، ويغرَم له دورقاً مثلَ زيته، والزيادة التي حدثت في الدورق المغلي زيادة صفةٍ متصلة بملك المغصوب منه.
والوجه الثاني - أنه يرد ما بقي، ولا غرم عليه؛ لأن ما بقي زاد بسبب النقصان، فإذا كان النقصان سببَ الزيادة، لم يكن سبباً للغرامة ومقتضى ذلك الجبران، وهذا ليس بشيء.
وقد ذكرت طرفاً من هذا من كلام صاحب التلخيص في مسائل التفليس.
4654 - ومما يتعلق بما نحن فيه أن من غصب عصيراً ورده بالإغلاء إلى نصفه، حتى خثَر (?)، وصار دبساً. وكانت قيمته مثلَ قيمة العصير التام. فقد قال قائلون من أصحابنا: هذا بمثابة إغلاء الزيت، فيخرّج على الخلاف الذي تقدم ذكره.
وذهب ابنُ سُريج إلى القطع بأن الباقي إذا كانت قيمته مثلَ قيمة العصير ردّه، ولم يجب جبر (?) النقصان فيه، بخلاف الزيت. والفرق أن الزيت لا يخثُر بالإغلاء، والذاهب هو الزيت، فيتحقق نقصانُ العين فيه، والذاهب من العصير مائية لا قيمةَ لها، والباقي هو الأجزاء الحلوة المطلوبة.