يعطيه من المخلوط مثلَ مكيلته، وبين أن يعطيه من موضع آخر مثل زيته.
وإن خلط الزيتَ المغصوب بمثله، فظاهرُ النص أنه يتخير أيضاً: إن شاء أعطاه من المخلوط مثلَ مكيلته، وإن شاء أعطاه من غيره.
وإن خلطه بزيتٍ أردأَ من زيته، فالمالك بالخيار، إن لم يرض بالمخلوط، فله ذلك، فيطلب من الغاصبِ مثلَ زيته، وإن رضي بذلك المخلوط،. فالغاصبُ بالخيارِ، إن شاء أعطاه من ذلك المخلوط مكيلة زيته، وإن شاء أعطاه من موضع آخر (?).
هذا نص الشافعي رضي الله عنه. وهو مصرح بأن الخلط يتنزل منزلة عدم العين المغصوب؛ فإنه خيّر الغاصبَ في الأقسام الثلاثة بين أن يعطي حقَّ المغصوب منه من المخلوط، وبين أن يعطيه من موضع آخر، فإذا كان يتخيّر على هذا الوجه، فهذا يدل على أن حق المغصوب منه زائل في التعلق بعين ماله. وعلى الغاصب أن يوفيه حقه، فإن أتاه بمثل زيته من أي موضع شاء، قبِله المغصوبُ منه، وإن أتاه بمثل مكيلته من هذا المخلوط، فلا خيار للمغصوب منه؛ فإنه أعطاه أجود من حقه، ولكن الغاصب لا يتعين عليه البذلُ من هذا المخلوط.
وإن كان الخلط بالأردأ، فإن أعطاه مثل زيته من موضعٍ آخر، قبله. وإن أعطاه من المخلوط، فالخيار إلى المغصوب منه.
هذا معنى النص. ونحن نبتدىء بعد هذا تفصيل المذهبِ، فنقول:
4644 - حاصل ما ذكره الأئمة في تأسيس المذهب ثلاث طرق: أشهرها، وأظهرها - إجراء القولين في الأحوال الثلاثة أحدهما - أن عين مال المالك في حكم المفقود. وقد قال الشافعي في التعبير عن هذا: "الذائب (?): إذا اختلط بالذائب، انقلب". والقول الثاني - أن عين المال قائمةٌ، وهذا هو الحق في مسلك القياس؛ فإنا نقطع بقيامها حِساً، فبعُد إلحاقها بالمعدومات، مع تحقق وجودها.