ذلك اعتقاد استحقاق الصّفةِ التي كان التبرُ عليها قبل أن صِيغت (?) أو طبعت؛ إذ لو كنا نعتقد ذلك، لألزمنا الغاصبَ النقصان إذا سبك الدراهم نُقرةً بأمر المالك. ولكنَّا نثبت هذا الحق للمالك على الغاصبِ؛ من جهة أنا نبني الأمر على غرضٍ له في النقرة، فالمرعي في ذلك الأغراضُ، لا المالية. فليفهم الناظر ذلك. وهذا إذا لم يفسد صنعة متقومة.
فأمَّا إذا غصب حلياً لصنعته قيمةٌ، فاتخذ منه حلياً آخرَ، قيمةُ صنعته تضاهي قيمة صنعة الحلي المغصوب، فقد نقول: لا جبران (?)؛ فإنه يكسر الحلي الأوّل ثم [يصوغه] (?) مرة أخرى، [فليلتزم] (?) بالكسر أرش النقص، ثم [الصيغة الجديدة] (?) التي يحدثها لا تجبر ما تقدم من النقصان. وقد مهدنا ذلك.
ولو غصب حلياً وكسره، واتخذ منه صنفاً آخر من الحليّ، فالمغصوب منه لا يكلفه رده إلى الصنعة الأولى؛ فإن ذلك لا يمكن الوفاء به (?). وقد ذكرت ذلك فيما تقدم.
فإذا تجدد العهد بهذا، ابتنى عليه أن المغصوب منه لو كلف الغاصبَ إزالة الصبغ، فله ذلك، ولكن لو فرض نقصانٌ، لم يلزمه أرش النقصان.
ومما لا يخفى أنه لو غصب ثوباً قيمته عشرة، وغصب من مالك الثوب أيضاً صبغاً قيمته عشرة، ثم صبغ الثوب، فصار الثوب المصبوغ يساوي عشرة. فقد أتلف الغاصب الصبغَ، فيلزمه بدلُه: المثلُ إن كان من ذوات الأمثال، أو القيمةُ إن كان من ذوات القيم. وإن كان الثوب يساوي خمسةَ عشرَ، يلزمه ما يقابل النقصان، ويحتسب النقصانُ من الصبغ. هذا منتهى القول في هذا الأصل.