فإن قيل: لم قلتم ذلك؟ وهلا اعتبرتم قيمةَ الثوب في الأصل وهي عشرة، فاعتبروا النقصان منها، ولا تحسبوا على الغاصب غيرها؟ قلنا: الخمسة الزائدة في قيمة الثوب زيادةٌ حصلت في الثوب في يد الغاصب -وإن كانت بفعله- فهي محسوبة عليه، ومحمولةٌ على الزيادة التي تحصل بالآثار التي ليست أعياناً، كالقِصارة وما في معناها، فشابهت الزيادةُ (?) التي ذكرناها ما لو غصب الرجل جوهرَ الزجاج، وقيمتُه درهم، ثم اتخذ منه قدحاً قيمتُه عشرة، فلو انكسر القدح، فكان الزجاج المنكسر يساوِي درهماً، فعلى الغاصب التسعةُ الناقصة بسبب الكسر.

هذا إذا أراد الغاصِب فصْل الصّبغ.

ولو لم يرده، ولكن أجبره مالك الثوب على فصله، فإن رجعت قيمةُ الثوب إلى عشرة، فلا يغرَم الغاصب بسبب نقصانِ الخمسة التي كانت زادت شيئاًً؛ فإن المالك أجبره على الإزالة. وإن نقص من العشرة شيء، فيلزم الغاصب حينئذ ما ينقص من العشرة؛ فإن هذا محمول على عدوان الغاصب باستعمال الصبغ ابتداء. وهذا بمثابة ما لو غصب نُقرةً قيمتها دينار، فصاغ منها حلياً قيمتُه دينار وسدس، فأجبره المغصوب منه على رد الحلي تبراً. فإن كان التبر يساوي ديناراً، فلا شيء على الغاصب. وإن نقص التبر عن الدينار، فعلى الغاصب ذلك النقصان المنسوب إلى الدينار. وهذا بيّنٌ لا إشكال فيه.

فرع:

4638 - إذا كان الثوب المصبوغ يساوي ثلاثين كما صوّرناه، ثم انحط السعر، فصار ذلك الثوب يساوي عشرة، فهذه الحطيطة محمولةٌ على نقصان الثوب والصبغ جميعاً، فيقدر كأن سعر الثوب دون الصبغ خمسة، وقد كان عشرة، وسعر الصبغ دون الثوب خمسة، وقد كان عشرة، وإنما يحسن وقعُ هذا التصوير إذا وجدنا الأمر كذلك في الثوب والصبغ مفردين.

فلو رد الثوب، فهو شريكٌ فيه؛ فإن العين المغصوبة إذا لم تنتقص بآفة (?)، فنقصان السوق غيرُ معتبر مع رده، وقد ردّ الثوبَ، فترتب عليه كونُ مالك الثوب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015