لمالك الثوب، وقد غصبه مع الثوب، وإما أن يكون لأجنبي، وقد كان غصبه منه.
فأمّا إذا كان الصِّبغ ملكَ الغاصب، فيتصور الثوب والصِّبغ على صور، ونحن نأتي عليها، ونذكر في كل صورة ما يليق بها.
ونقول: قد يزداد الثوب بسبب الصبغ، وقد ينقص، وقد يبقى على القيمة الأولى: من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ. فإن لم يزدد، ولم ينتقص، وتصويره أن قيمة الثوب لو كانت عشرة، وقيمة الصبغ عشرة، وكان الثوب بعد الصبغ يساوي عشرين، فهذا هو الذي عنيناه. فالثوبُ على قيمته، والصبغ على قيمته.
والقول في ذلك ينقسم، فلا يخلو: إمَّا أن يكون الصبغ معقوداً لا يتأتى فصله، وإمّا أن يكون غير معقود، وكان فصله ممكناً. فإن كان الصبغ معقوداً، فالثوب المصبوغ مشترك بين مالك الثوب والغاصب، وليس ذلك كالقِصارة وما في معناها؛ فإن الصبغ عينٌ قائمة؛ فلا سبيل إلى إحباطها، وإبطالِ ملك مالكها فيها، ولا وجه لتمييز الصبغ عن الثوب؛ فإنا فرضنا الكلام في الصبغ المعقود، الذي لا يتميز (?). ثم لا يملك صاحبُ الثوب إجبارَ الغاصب على البيع، والغاصب لا يُجبر صاحبَ الثوب على البيع، فإن اتفقا على البيع وباعا الثوب المصبوغَ بما يساوي، وهو عشرون، فالثمن مقسوم بينهما، وإن وجدا زبوناً، واشترى الثوب بثلاثين، فالمبلغ مقسوم نصفين بينهما.
وإنّما لم يُجبر أحدُهما على مساعدة صاحبه في البيع؛ تنزيلاً للثوب مع الصبغ منزلةَ ملكٍ مشترك بين شريكين، لا يقبل القسمة؛ فإن واحداً منهما لا يُجبر صاحبه على البيع، وإن كانت القسمة متعذرة، فلكل واحدٍ من الشريكين أن يبيع حصته من الملك المشترك.
وهل يملك كلُّ واحدٍ من صاحب الثوب والصبغ أن يبيع ملكه على حياله؟ القياس أنه يملك اعتباراً بالملك المشترك بين شريكين الذي لا يقبل القسمة.
ويجوز أن يقال: لا ينفذ البيع؛ فإنه لا يتأتى الانتفاع بالثوب وحده، ولا بالصبغ. والبيعُ فيما يعسر الانتفاع به قد يفسد. والملك المشترك يفرض التوصل إلى الانتفاع به بالمهايأة.
وهذا الذي ذكرناه يشبه بيعَ دارٍ لا ممر لها، وقد ذكرنا في صحة بيعها خلافاًً.