وعند هذا المنتهى سر، وهو أنا لا نجوّز لحافر البئر طمَّها ليبرأ عن الضّمان؛ إذ لو كان المعنى هذا، لما بالينا بتورطه في الضّمان، ولقلنا: أنت الذي ورطت نفسك في هذا الضمان، ولكن المعتبر أن قطع العدوان واجب، فليفهم الناظر ذلك؛ فإنه من لطيف الكلام.

ولو كان قَصَر الغاصب الثوبَ، فليس من الممكن أن يكلفه المغصوبُ منه رده إلى البت (?)، فلا تكليف في هذا، وما يناظره.

4627 - وذكر الأئمة في قسم الآثار (?) مسائلَ تستفاد ذكرنا بعضها فيما سبق، ونحن نجمعها الآن: لو غصب عصيراً، فانتهى في آخر أمره إلى حموضة الخل؛ فإنه يرد الخلَّ، وهل يضمن العصير؟ فيه وجهان: أحدهما - أنه لا يضمن؛ فإنه ردَّ عين ما غصب، ولكن صفته حائلة، فينظر في نقصان القيمة على التفصيل المقدم.

والثاني - يضمن العصير؛ فإن الذي رده خل، وقد صار العصير خمراً في يده، ثم صارت الخمر خلاً، ولما انقلب العصير خمراً، وجب إذ ذاك مثلُ العصير؛ فإنه باشتداده خرج من أن يكون مالاً، فما أوجبناه من المثل لا يزيله، والخل رزقٌ ساقه الله إلى المغصوب منه.

ومن هذا الجنس ما لو غصب بيضة فأحضنها دجاجة، ففرخت، فيجب ردّ الفرخ على مالك البيضة، وهل يجبُ على الغاصب قيمةُ البيضة؟ فعلى وجهين: أحدهما - يجب؛ لأنها تصير مَذِرَة (?)، ثم تنقلب فرخاً، والمذِرة لا قيمة لها كالخمر.

والثاني - لا يجب ضمان البيضة، كما تقدّم في العصير.

ولو غصب بَذراً، فَزَرَعَه فنبت وتَسَنْبل، وأَدْرَك، فلا شك أن الزرع لمالك البذر، وهل يغرَم الغاصب مثلَ البذر للمغصوب منه؟ فعلى وجهين؛ لأن البذر يتعفن، ويخرج عن المالية، ثم يُنبت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015