في مواتٍ، هو في طريقه التي يقطعها في رد التراب، فقال المالك: اطرحه في الموات، فهو أهون عليك، ولست أبغي أن تشتغل به أرضي، وما أحدثت بنقلك نقصاً، وفعلُك في الطرح في ذلك الموات، كفعلك في الطرح على أرضي، لو رددتَ إليها، والأمر أهون عليك؛ من جهة قِصَر المسافة، فقد يعترض في ذلك أن الغاصب يبغي ردّ التراب إلى يد المغصوب منه؛ فإنه مضمونٌ في نفسه. فإن فرض للمغصوب منه ملكٌ في الطريق، فإذا نقل التراب إليه، كان عائداً إلى حكم يد المالك، فالذي نراه القطعُ بأن الغاصِب يلزمه أن يمتثل أمرَه؛ إذ لا ضرر عليه، ولا غرض له في النقل إلى المكان الذي أخذ التراب منه.
ولو قال المغصوب منه: انقل التراب إلى مواتٍ بالقرب منك، أو إلى ملكٍ لي بالقرب منك، وليس على صوْب مجيئه لو طلب الردّ إلى المكان الذي أخذ منه، ففي هذا تردد، يُشعر به كلام الأئمة، وقد يظهر أنه يلزمه موافقةُ المالك، إذا لم يكن عليه مزيدُ مشقة، على الشرائط التي قدمناها.
ويظهر أنه لا يفعل هذا؛ فإنه استخدامٌ، وليس كما لو طلب منه الطرحَ في الطريق؛ فإنه اختصار على بعض ما كان يفعله.
فانتظم ممَّا ذكرناه فصولٌ في ردِّ التراب، وملكِ الغاصب ذلك، وتفصيلِ القول في رد الأرض إلى ما كانت عليه، إذا حصل فيها نقص، وبان أن الغاصب قد يلزمه ذلك إذا طلبه المالك، وقال: رُد ترابي وسوِّ الحفر، وقد يكون له ذلك وإن لم يطلبه المالك، لأغراضٍ، من جملتها أن يكفي نفسَه ضمان النقصان، ولاح الفرق بين ذلك، وبين رفْو الثوب.
ومما يلتحق بالرفو معالجة العبد الذي جنى عليه الغاصب جنايةً تنقصه، فإنه لو قال: مكِّني من مداواته؛ فإني أعيده بها إلى حالة صحته، فلا يمكَّن من هذا.
والمنع من المداواة أظهرُ من المنع من الرَّفْو، والثقةُ بحصول الغرض بها أقلُّ.
4620 - فإذا تمهدت هذه الأصول فيما على الغاصب وله؛ فنستتم بعدَ بيانِ ذلك القولَ في طم البئر، ونقول: إن لم نجعل الرضا بالدوام مسقطاً للضّمان، فله الطم، بل عليه ذلك. وإن جعلناه مسقطاً للضمان، اعترض فيه جواز رد التراب إلى موضعه