فنقول على هذا: نجعل الغاصب كأنه مماطل في القصاص، ولا حكم للمطل فيه، فلهذا افترق ما يوجب القصاص، وما يوجب المال.
وقد يخطر للفقيه وراء هذا كله أن السيد لو مطل، ولم يقتص، ونحن نقول: القصاص يتضمن المالية، فيكون بمطله ومدافعته ملتزماً لتبعة فوات المحل. وليس الأمر كذلك؛ فإن عُلقة المال لا تثبت مع طلب القصاص، وفي هذا المنتهى أدنى احتمالٍ، فإن ثبت، انعكس على تثبيت مطالبة الغاصب.
هذا منتهى النظر، والله المستعان.
وقد نجز غرضنا من جنايات العبد المغصوب والجنايات عليه.
فصل
قال: "فإن كان ثوباً، فأبلاه المشتري ... إلى آخره" (?).
4609 - إذا غصب الرجل ثوباً، ولم ينتقص في يده، وأمسكه مدة، فعليه أداء الثوب، وأجرُ مثل المنفعة، استعملَ أو لم يَستعمل؛ فإن المنافع مضمونة باليد العادِيَة (?) عندنا.
وإن انتقص الثوب بآفةٍ، لا بسبب الاستعمال، فعليه أرش ما نقص، وأجر مثل المنفعة، استعملَ أو لم يستعمِل.
وإن انتقص الثوبُ بالاستعمال، وبلي بعضَ البلى، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه يضمن أكثر الأمرين من أرش النقص، أو أجر مثل المنفعة؛ لأن النقصَ جاء من جهة الاستعمال، ووقع بسببه، فدخل الأقل من المضمونَيْن تحت الأكثر.
والوجه الثاني - وهو الأصح أنه يضمن أرش النقص على حياله، وأجر المنفعة على حياله؛ فإنه يضمن كل واحدٍ منهما عند الانفراد، فإذا ثبت الموجبان، ثبت الضمانان.