ثم الغاصب الأول يطالب [بما يطالب] (?) به الغَاصب الثاني؛ فإنَّ غصبه طريقٌ إلى غصب الثاني. والغاصب الثاني لا يطالب بزيادةٍ كانت في يد الأول؛ فإن ضمان الغصب يستحيل أن يسبق الغصب منعطفاً على سابقٍ. ولو تلفت العين في يد الثاني، فقرار الضّمان في التالف عليه، وللمغصوب منه أن يضمن من شاء منهما: فإن ضمّن الثاني، استقر الضمان عليه، وإن ضمّن الأولَ ما دخل في ضمان الثاني، رجع به الأول على الثاني. وإن ضمن الأول ما اختص الأول بضمانه، ولم يدخل في ضمان الثاني، فلا شك أنه لا يجد مرجعاً به على الثاني.
هذا كله إذا كان المشتري من الغاصب عالماً بحقيقة الحال.
4589 - فإن كان جاهلاً، وقد اشترى جاريةً مغصوبة، فإن وطىء، فلا حدّ، ووجب المهر، وإن علقت بولد، فهو حر. والتفصيل في وجوب الضّمان إذا انفصل حياً، ونفيِه إذا انفصل ميتاً من غير جنايةٍ، والعوْد إلى إثبات الضمان إذا انفصل ميتاً بجناية جانٍ، وما فيه من التفصيل، كما مضى حرفاً حرفاً، في الغاصب نفسه إذا جهل التحريم. ويعود تفصيل القول في الجارية ومطاوعتها، وجهلها، وجريان الاستكراه منها (?).
ومما نذكره الآن أن المشتري إذا وطىء على الجهالة مراراً، لم يلزمه إلا مهرّ واحد، وكذلك من نكح امرأةً نكاحاً فاسداً، فوطئها مراراً، لم نُلزمه إلا مهراً واحداً، وكذلك إذا صادف على فراشه امرأةً وظنها زوجتَه، فوطئها. والسبب فيه أن المقتضي للمهر الشبهةُ وهي متحدة، ولو انكشفت الشبهة بعد جريان الوطء فيها، ثم عاد وجرى وطء آخر في الشبهة الثانية، فحينئذٍ يتعدد المهر، لتعدد الشبهة. ولو كان يطأ الغاصب المغصوبة على علم، وكانت مستكرهة، أو مطاوعةً، ورأينا أن نوجب المهر، فلو تعدد الوطء من غير شبهةٍ، فقد كان شيخي يتردد في تعدد المهر، ولا معنى للتردد عندنا، بل الوجه القطع بأن في كل وطأةٍ مهراً؛ فإن موجِب المهر