سماويةٍ، أو بجناية جانٍ غير الغاصب، فهل يعتبر في حق الغاصب البدلُ المقدر في حق الجاني؟ فعلى وجهين، سبق ذكرهما، وسيعود تحقيقهما في فصلٍ متصلٍ بهذا الفصل.
فإيجاب العشر من قيمة الأمّ إيجاب المقدار الواجب على الحياة، فهذا من هذا الوجه يشعر بخلافٍ. ولكن يعارضه، أن تقدير الحياة في الجنين لا ينتظم على مذهب الشافعي أصلاً. فهذا تمام الغرض.
وفي بعض التصانيف غلطة فاحشة، وهي أنه حكى أن بعض الأصحاب قال: يغرَم الغاصب للسيد أكثرَ الأمرين، من قيمة الولد، وقيمة الغرة. أما القول في قيمة الولد فقد ذكرناه، وأما إيجاب الأكثر، فخطأ لا نشك فيه، فإن معناه أن قيمة الغرة إن كانت زائدة على بدل الجنين المقدر رقيقاً، وجب تسليمها بكمالها إلى السيد، وهذا محال؛ فإن تلك الزيادة ثبتت بسبب الحرية، وما ثبت بسبب الحرية يستحيل أن يستحقه مالك الرق.
هذا منتهى الكلام في قاعدة الفصل.
4584 - ثم المسألة مفروضة فيه إذا كانت الغرة مصروفةً إلى الغاصب؛ من جهة أنه أبُ (?) الجنين، ولم يكن معه وارث. فلو غصب الجارية وأحبلها، ومات، وخلف أباً، هو جد الجنين، فضرب ضارب بعد موت الأب الغاصب الجاريةَ، وأَجْهَضَتْ جنيناً ميتاً، فالغرة مصروفةٌ إلى الجدّ. قال القاضي: يجب عليه في ضمان الجنين للمالك ما كان يجب على الغاصب لو كان حياً. والسبب فيه أن ضمان الجنين للمالك، إنما يجب بسبب وجوب الغرة، فمن يملك الغرة، يلتزم الضمان. فكأن القدر المطلوب مستحق من الغرة للسيد المغصوبِ منه.
ثم قال القاضي: لو كان مع الأب الغاصب جدة وارثة، وهي أم الأم، ونفرضها حرة لترث، فالسدسُ من الغرة لها. قال: ننظر إلى خمسة أسداس الغرة، وإلى عشر قيمة الأم، ونجعل كأن السدس المصروف إلى الجدة غيرُ ثابت، والخمسة الأسداس نازلةً منزلة الغرة كلها. هذا كلامه.